سلام والحلو حاضرا عن "حرب غزة وتداعياتها على لبنان والمنطقة" بدعوة من "ملتقى بيروت"

multaka bey

نظّم ملتقى بيروت ندوة حول "حرب غزة وتداعياتها على لبنان والمنطقة" تحدّث فيها رئيس تحرير جريدة "اللواء" صلاح سلام والعميد المتقاعد خليل الحلو، وحضرها القاضي الشيخ خلدون عريمط ممثلاً مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والنائب فيصل الصايغ والنائب فؤاد مخزومي ممثلاً بالسيدة مي مخزومي والوزيران السابقان الدكتور خالد قباني والعميد حسن السيع والنائب السابق الدكتور عمار الحوري وشخصيات سياسية وإعلامية واجتماعية واقتصادية ووجوه بيروتية.
ابتدأت الندوة بكلمة رئيس الملتقى الدكتور فوزي زيدان رحًب فيها بالمحاضرين وبالحضور ومما جاء فيها:
" 7 تشرين الأول 2023 يوم لن ينساه العرب والعالم، فيه حطّمت كتائب القسّام عنجهية الجيش الذي قيل عنه أنه لا يُقهر، ومرّغت كرامته في الوحول. يوم باغتت "حماس" العالم بالعملية البطولية التي قام به رجال أشدّاء آمنوا بربّهم وبعدالة قضيتهم، وأظهروا للعالم بأن فلسطين هي لشعب فلسطين وليست لشذاذ الآفاق.
7 أكتوبر .. يوم بدا فيه الكيان الصهيوني أنه أوهن من بيت العنكبوت، ما دفعه إلى الاستنجاد بالعالم الغربي الذي سارع إلى إمداده بالأسلحة المتطورة الفتاكة، وإرساله الأساطيل لحمايته والدفاع عنه، هذا العالم الذي يدّعي بأنه يدافع عن الحريات وعن حق الشعوب بتقرير مصيرها، لكنه لا يضع شعب فلسطين، الذي يعيش منذ عقود تحت نير الاحتلال يعاني الظلم والتنكيل والاعتقال العشوائي، في قائمة تلك الشعوب.
وأدّى التفاف الولايات المتحدة ودول أوروبا حول إسرائيل إلى قيام الأخيرة بارتكاب المجازر ضد غزة، انتقاماً لكرامة جيشها وإعادة الوهج إليه، فقتلت وجرحت آلاف المدنيين، نصفهم من الأطفال، ودمّرت أحياء سكنية ومدارس ومستشفيات على رؤوس المتواجدين فيها، وما زالت تفعل .. وما زال العالم يتفرّج على إبادة شعب كل ذنبه أنه يريد دولة له يعيش فيها بحرية وكرامة.
فهل يجب أن يدفع دائماً الشعب الفلسطيني الأثمان الغالية في الأرواح والممتلكات لقاء تحريك قضيته العادلة، أما آن الأوان للولايات المتحدة التي تمسك بقرار العالم العمل الجدّي على إحياء مسار السلام العادل والشامل على أساس حلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، الذي أقرّته القمة العربية في بيروت العام 2002 وأكّدت عليه القمة العربية – الإسلامية غير العادية التي انعقدت في الرياض.
أما عن لبنان، فتشهد الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة منذ عملية "طوفان الأقصى" تبادل النار بين مقاتلي حزب الله والقوات الإسرائيلية، نتج عنه استشهاد مقاتلين ومواطنين أبرياء وتهجير آلاف الجنوبيين من بلداتهم وقراهم المتاخمة للحدود، وحرق مزارع الزيتون التي تعتاش منها مئات العائلات الجنوبية.
…أخيراً إننا نؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، ونتضامن مع شعب فلسطين وبخاصة مع أهالي غزة، لكن الأوضاع السياسية والاقتصادية التي يمرّ فيها لبنان، تجعله لا يحتمل أن يكون طرفاً في الحرب الدائرة في غزة. لذا، فإننا نطالب الحكومة اللبنانية بتحييد لبنان عن هذه الحرب، وبتطبيق القرار 1701 تطبيقاً كاملاً يتمّ بموجبه إمساك الجيش اللبناني وقوات اليونيفل بالحدود الجنوبية، ومنع إيّ وجود مسلًح جنوب نهر الليطاني."

بعد ذلك بدأ سلام مداخلته ومما جاء فيها:
"إسمحوا لي أولاً أن نتوجه بتحية الصمود والتقديرللشعب الفلسطيني الصامد في غزة في وجه أبشع حروب الإبادة الجماعية، وننحني بكل إجلال وخشوع أمام أرواح الشهداء الميامين، أطفالاً ونساءً، شيوخاً ورجالاً، الذين تغتالهم آلة الحرب الصهيونية يومياً في جرائم موصوفة ضد الإنسانية، أطاحت بشرعة حقوق الإنسان، وتجاوزت كل القوانين والاتفاقيات والأعراف التي تحمي حقوق وسلامتهم في الحروب.
ما يجري في غزة ليس جريمة ضد الإنسانية وحسب، بل هو وصمة عار على جبين الإنسانية المزيفة التي تدعي أميركا ومعها الدول الأوروبية أنها حامية للمبادئ الإنسانية، وحاضنة للديموقراطيات والحريات وحقوق الشعوب في الحصول على حقوقها الطبيعية.
أما أين نحن مما يجري في غزة، وما هي التداعيات المحتملة على لبنان، فكلنا نعيش الوقائع اليومية للحرب الصهيونية الهمجية، وتداعياتها المتدحرجة في لبنان.
لن أطيل في التشريح والتبرير، وحرصت على حصر كلامي عن التداعيات والمضاعفات بثلاثة محاور أساسية: التداعيات الأمنية والعسكرية ، المضاعفات السياسية، وأخيراً الانعكاسات الاقتصادية.

أولاً في التداعيات الأمنية والعسكرية:
كلنا نتابع، وبكثير من القلق تطورات المناوشات التي بدأت منذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب في غزة، وبرزت معها جملة من المخاوف والتساولات:
ــ هل سيدخل حزب الله في الحرب للتخفيف عن حركة حماس وطأة المعارك في غزة؟
ــ هل المناوشات اليومية، والتي كانت شبه متقطعة في البداية، ستتطور إلى مواجهة عسكرية مفتوحة؟
ــ ما هي حدود غضّ الطرف عن استخدام كتائب القسام وغيرها من فصائل المقاومة الحدود اللبنانية لإطلاق صورايخها نحو الكيان المحتل؟
ــ وأخيراً هل التصعيد الذي بلغته التطورات العسكرية نهاية الأسبوع الماضي، بداية لمرحلة جديد من الاشتباكات، أم أنً الأمور تبقى تحت السيطرة، على نحو ما كان يجري سابقاً؟
لا داعي للقول أنّ تلك التساولات وغيرها كثير تبقى مبررة، في بلد يفتقد إلى أبسط مقومات الصمود في الأزمات الحالية ، فكيف تكون عليها الأحوال في حال اندلاع الحرب، ولعلّ هذا الواقع ضاعف من منسوب القلق عند اللبنانيين عموماً، وأهلنا في الجنوب خصوصاً، لا سيّما بعد وقوع جريمة عائلة محمد شور التي ذهبت ضحيتها ثلاث فتيات في عمر الورود مع جدتهم، وإصابة والدتهم بجراح خطرة. الرحمة للشهيدات والتمنيات بالشفاء للوالدة المفجوعة.
بعيداً عن الشعارات، مثل وحدة الساحات وغيرها، ودون الدخول في الجدالات اللبنانية العقيمة، وتجنباً للخوض في المحور العسكري الذي سيتناوله العميد الصديق بتفاصيله، ساكتفي بالإشارة إلى اتصالات جرت بين قيادتيي حزب الله في بيروت و حماس في غزة، إنتهت إلى أنّ الحركة قادرة على الصمود في غزة لأشهر، ولا تحتاج إلى دعم الساحات الأخرى، على أن يبقى الأصبع على الزناد، بانتظار الوقت المناسب.
في هذا الوقت كانت الرسائل الأميركية والأوروبية تصل تترى إلى بيروت محذّرة من عواقب الدخول اللبناني في الحرب، حتى أن الرئيس الأميركي جو بايدن أوفد مساعده لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين إلى بيروت حاملاً رسالة قوية حول مغبّة الدخول في الحرب، وكان ما سمعه من صديقه اللواء عباس إبراهيم أن إلجموا إسرائيل عن جرّ لبنان إلى الحرب عبر الاستفزازات الحدودية اليومية.
وباختصار شديد للمحور، ثمّة حسابات ومعادلات إقليمية ودولية، تبدأ من واشنطن وتصل إلى طهران، جعلت من توسّع الحرب في غزة أمراً معقداً، سواء بوجود حاملات الطائرات الغربية والتأييد الأعمى للكيان الصهيوني ، أو لأسباب أخرى أترك لصديقي أمر الحديث عنها مفصلاً.

ثانياً : في المضاعفات السياسية:
على طريقة "اللبناني بدون دف بيرقص"، لم تكن أطراف المنظومة السياسية بحاجة إلى عذر بمستوى خطر اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، حتى تبرر فشلها المزمن في إدارة شؤون البلاد والعباد، وتخفي أسباب إخفاقها في انتخاب رئيس الجمهورية، وإعادة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، عبر تشكيل حكومة منسجمة، وكاملة الصلاحيات الدستورية، وقادرة على التفاوض مع صندوق النقد الدولي، واستعادة الثقة داخلياً وخارجياً، لوضع البلاد على سكة الإصلاح والإنقاذ.
في كل دول العالم، تؤدّي الأزمات المصيرية الخطيرة، إلى إقدام الأطراف السياسية على وضع خلافاتها جانباً، والتعاون لتشكيل حكومة وحدة وطنية استثنائية، وبصلاحيات استثنائية، لمواجهة تحدّيات المرحلة الخطرة. حتى العدو الإسرائيلي تجاوزت أحزابه السياسية خلافاتها المزمنة، وتوافقت على تشكيل "حكومة حرب"، شاركت فيها أطراف من المعارضة.
إذن، أولى مضاعفات الحرب في غزة على الوضع السياسي اللبناني أنها وضعت الملف الرئاسي على رف الانتظار المديد، رغم مضي سنة ونيّف على الشغور الرئاسي، وفشل النواب في انتخاب الرئيس العتيد، رغم كل وساطات الأشقاء والأصدقاء ومساعيهم لتذليل عقد الخلافات العقيمة بين الأطراف اللبنانية.
ثمّة قبس من نور ظهر في ظلمة الانقسامات الداخلية، تمثل بهذا الإجماع الوطني الشامل من كل المكونات اللبنانية، بما فيها بيئة الثنائي الشيعي، على رفض دخول لبنان في الحرب، أو في أية خطوة عسكرية، البلد غير مهيأ لمواجهة تحدياتها.
طبعاً، طوي الحديث عن الانتخابات الرئاسية، أبقى أبواب الانهيارات المتلاحقة مفتوحة على مصراعيها، خاصة على صعيد تلاشي السلطة الشرعية، والفراغ المتزايد في المراكز القيادية في الدولة، بدءاً من حاكمية البنك المركزي، وصولاً إلى قيادة المؤسّسة العسكرية، ومخاطر حصول فراغ في منصب قائد الجيش خلال هذه المرحلة الدقيقة.
لا ضرورة للقول أنً الحسابات الشخصية والأنانية، والتنافس المحتدم بين القيادات المارونية، وراء إشكالية التردد بالتمديد للعماد جوزيف عون، ريثما يتم إنتخاب رئيس للجمهورية، وتعيين قائد جديد برعاية رئيس الدولة، وفق الأعراف المتبعة في جمهورية البدع والخروقات الدستورية.
الدولة تُستنزف، السلطة تتلاشى، سرطان الفراغ يتمدد في أوصال الجمهورية، وأهل السياسة في خلافاتهم غارقين في زواريب المصالح الشخصية والحسابات الفئوية الضيقة.

..وأخيراً أيها الأحبة، يبقى كل ما تحمّله لبنان من مضاعفات وانعكاسات سلبية أهون بكثير من هول حرب الإبادة التي يتعرّض لها أخواننا في غزة، وما يرتكبه العدو الصهيوني من جرائم إنسانية، هي في الواقع وصمة عار على جبين الدول التي تدّعي العمل بشرعة حقوق الإنسان، وحماية الحياة البشرية."

وبعده بدأ الحلو مداخلته التي جاء فيها:
"حرب غزة التي بدأت في 7 ت 2023 مستمرة ومرشحة أن تطول وتصبح أكثر تعقيداً، والوضع العسكري اليوم على الأرض يتلخص بدخول الجيش الإسرائيلي إلى الجزء الشمالي من قطاع غزة الذي يضم مدينة غزة نفسها ومدينتي بيت لاهيا وبيت حانون، ومخيمي جباليا والشاطئ للاجئين. إن المعارك مستمرة في كل الجزء الشمالي المذكور ومن المتوقع أن تطول لأسابيع وربما لأشهر، ولا شيء واضح بالنسبة لجنوبي القطاع إذا كا سيشهد ما يشهده اليوم شماليه، وما إذا كانت حركة حماس وحلفائها سيحتفظون بقدرات عسكرية أم لا، وبوجود سياسي أم لا أو إذا سيتخلون عن تحالفهم مع إيران أو إذا سيعدلون من شرعتهم التي تقضي بالقضاء على الكيان الإسرائيلي.
منذ اليوم الأول اشتعلت الحدود اللبنانية الإسرائيلية بحرب مواقع بين حزب الله وإسرائيل، وهي آخذة بالتصعيد التدريجي الذي يمكن أن يشعل المنطقة بحرب بين إيران والقوات الإميركية في شرق المتوسط العراق وسوريا والخليج والتي تقدر بثلاثين إلى خمسين ألف رجل، وكذلك دخلت اليمن إلى الصراع والميليشيات الموالية لإيران في كل من العراق وسوريا عن طريق استهداف القوات الإميركية في كلا البلدين. إن التداعيات على لبنان والمنطقة ليست واضحة المعالم، وهي رهن بتطورات سير المعارك في غزة وفي جنوب لبنان وكذلك في العراق وسوريا، وهي رهن أيضاً بحسابات الربح والخسارة لأطراف النزاع، وبمدى قدرة العالم العربي أن يستعيد القضية الفلسطينية ويضمن حلولها لأنه الوحيد القادر على ذلك والأكثر تضرراً إذا تركت الأمور للفريق المتطرف في إسرائيل ولإيران، والعالم العربي يمكن أن يستفيد من تحالفه مع الولايات المتحدة لتحقيق ذلك وبوسائل مختلفة.
التداعيات على لبنان وعلى المنطقة ما زالت غير واضحة المعالم، رغم الحديث المفرط عن حلول ومنها حلّ الدولتين ونوع الوصايات على غزة، وسط التباعد المستجد بعد تقارب قصير، بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي حماس والجهاد، ووسط المواقف المتطرفة في الداخل الإسرائيلي تجاه الحرب في غزة، ورغبة إسرائيلية مكبوحة الجماح من قبل الولايات المتحدة، لحرب إسرائيلية على حزب الله في لبنان."

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: