في حديث حصري لموقع LebTalks، تناول خلاله الأوضاع في المنطقة في ضوء استمرار الحرب على قطاع غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية، لفت الكاتب والمحلّل الجيوسياسي جورج أبو صعب الى أنه إذا أردنا المقارنة بين إيران وإسرائيل اللتين هما وجهان لعملةٍ واحدة من حيث التخادم “والتمصلح ” لدى واشنطن، نجد أن إيران أكثر خطراً في عدائها للدول العربية من المحيط الى الخليج، لكونها صاحبة مشروع عقائدي ديني يقوده نظامها في طهران، ويهدف منذ أن تمّ زرعه في المنطقة الى زعزعة وضرب نسيج المجتمعات العربية وخلخلة أمنها وأنظمتها، لتبقى تلك الأنظمة بحاجة للحماية الغربية وتحديداً الأميركية .
حكومات إسرائيلية متعاقبة بنَفَس عقائدي متطرّف
أبو صعب تابع عرضَه بالإشارة الى أن إسرائيل في المقابل، وإن كان لحكوماتها المتعاقبة وآخرها النفس العقائدي المتطرّف، ألا أنه على مدار العقود ثبُتَ أن المشكلة معها هي مشكلة أرض وشعب محتل منها، وبالتالي حصرت المشكلة في فلسطين وخاض من أجلها العرب كل الحروب وبذلوا كل غالٍ ونفيس نصرةً لأشقائهم الفلسطينيين، ففي حين أن إيران تنتهج بسياستها الإقليمية التمدّد واحتلال دول عربية كما العراق واليمن وسوريا ولبنان، والتحكّم بمقدّرات شعوبها وتطويع سيادتها خدمةً لأجندات إيرانية إقليمية توسّعية، ومصادرة قرار الحرب والسلم واحتكار القرارات السيادية، نجد أن إسرائيل تحتل فلسطين وتنتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان بفظاعاتها الإجرامية حين تقف طهران موقف المتلهّي”بمعاتبات ” وحسابات ضيقة لا تثمن ولا تغني، بينما الشعب الفلسطيني يُذبح في غزة، علماً أن ما من فرصة أهم وأفضل من فرصة الحرب الحالية لو أرادت طهران فعلاً رمي إسرائيل في البحر أو محوها في دقائق من الوجود .
لم يحن آوان المعركة الكبرى بعد وطوفان الأقصى أسقط أقنعة محور المقاومة
رغم مأساة غزة وشعبها المرفوضة والمُدانة بكل المقاييس، يقول أبو صعب، إلا أن ثمة إيجابية كبيرة من جراء ما يحصل تتمثّل في سقوط أقنعة مَن يسمّون أنفسهم محور مقاومة، وبالتالي سقوط كافة شعارات “إسقاط” إسرائيل ومحوها من الوجود، وآخر البدع التي يطلقها إعلام وأبواق هذا المحور مصطلح ” لم يحن وقت المعركة الكبرى “، وكأن ثمة معركة نهاية أزمنة تنتظرنا كي تُقرن طهران ووكلاؤها القول بالفعل لا بالشعارات الفارغة.
اما لماذا التركيز على إيران وميليشياتها والدفع باتجاه التدخّل والتورّط في الحرب، فيجيب أبو صعب بكل وضوح “لأن الجمهورية الإسلامية في إيران ووكلاءها الإقليميين لطالما رفعوا سقف مواجهتهم الكلامية وخطاباتهم تجاه العدو الإسرائيلي على مدار السنوات الماضية وحتى الأمس القريب، هم الذين شكّلوا فيلقاً سمّوه “فيلق القدس”، طوّروا منظومة صواريخهم الباليستية لمحو إسرائيل، في وقت وعلى مدار ٤٠ عاماً، لم نشاهد صاروخاً إيرانياً واحداً يُطلق من طهران باتجاه تل أبيب خلافاً لما فعله الرئيس العراقي الراحل صدام حسين .
إيران ومعركة مجهولة التفاصيل والهوية
إيران إرتكبت خطأ مميتاً بحق نفسها برفع سقف خطابها وتهديداتها ووعيدها ورعدها وزبدها الى أن حان وقت إثبات كل هذه الخطابات والتهديدات، فانتهجت أسلوب التلطّي بالقشور والتفاصيل والتراجع وتحييد ذاتها وميليشياتها عما يحصل في غزة، وصولاً الى الإعلان بأن ما يحصل في القطاع ليس حربها وهي تتجهّز لمعركة كبرى مجهولة باقي الهوية والتفاصيل .
أميركا وإيران في “بازار” كبير مشترك
وختم أبو صعب بالإشارة الى أن نظام الملالي ليس مستعداً للدخول في الحرب، وهو يبيع ويشتري في بازار إقليمي كبير مع الأميركي، وإن كل ما أُشيع وقيل واستُخدم إيرانياً من شعارات القضية الفسلطينية والصلاة في الأقصى لم يكن سوى حملة استغلال واستخدام لورقة فلسطين لتحسين وضعها ومكتسباتها الإقليمية ليس أكثر،
مبدياً أسفه لاستمرار البعض في المنطقة ولبنان تحديداً بالانقياد وراء شعارات وخطابات رموز هذا المحور “الدجّال” من دون أي طائل