زيارة لودريان والخرطوشة الاخيرة…

ledrian210508064215232~

وسط كل ما يجري في لبنان المطوّق بالانهيارات والهموم والمخاوف، من إتساع رقعة الحرب من المناطق الجنوبية الحدودية الى كل ارجائه، وفي ظل ما يعيشه اللبنانيون وفق المثل الشائع:" الغريق بيتمسّك بالقشة"، تتجه الانظار اليوم الى الزيارة التي سيقوم بها مساءً الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، على الرغم من انه في كلّ مرة يغادرنا فيها، يرفع العشرة وينفض يده من جديد من هذه المعضلة، التي يصعب حلّها في ظلّ وجود أضداد يتناحرون على أيّ ملف، غير أنّه وبدافع المهمة الموكلة إليه، يحاول أن يكون صاحب النفس الطويل في السياسة والدبلوماسية.
ومع أنّ لودريان كان قد شغل منصب وزير خارجية فرنسا، لكنّه مع المسؤولين اللبنانيين الذين يضربون بعرض الحائط كل أنواع التفاهم وتوابعه، يسقط كل شيء وتجهض المحاولات، فتبدو المهمة مستحيلة لأنّ الخلافات في الداخل اللبناني لا تنتهي، والموفد الفرنسي قالها مراراً : " لم أرَ في حياتي مسؤولين لا تهمهم مصالح بلدهم"، وعندها وجّه لهم اللوم والتحذير من دون أن يرفّ لهم جفن، مؤكداً على مقولة باتت درساً حفظها المسؤولون الدوليون، ولم يحفظها المسؤولون اللبنانيون :" توحّدوا على خيار الرئيس وأنقذوا بلدكم قبل فوات الآوان"، لكن لا حياة لمن تنادي.
الى ذلك لعب الموفد الفرنسي خلال زيارته الأخيرة، على وتر الكلمات واختارها بإمعان، إذ وضع النقاط على الحروف، وقال للمتناحرين: "لنبحث ببند واحد وهو صفات الرئيس"، الأمر الذي قوبل نوعاً ما بتجاوب، فالبعض حاول إظهار نفسه متعاوناً، على الرغم من أنّ صفات الرئيس لن تكون جامعة بل مختلفة ما بين مفاهيم سياسية عدّة، من بينها الرئيس السيادي والرئيس الوفي والحيادي والتوافقي والذي "لا يطعن ظهر المقاومة"، وإلى ما هنالك من صفات يصعب وجودها في مرشح واحد، إلّا إذا حاول إظهار نفسه أنّه "جامع للمجد من أطرافه"، وهذا المرشّح يصعب إيجاده وتصديقه، إذ من غير الممكن أن يكون معارضاً وموالياً وممانعاً، كي يحظى بأغلبية أصوات النواب.
مساء اليوم يصل لودريان حاملاً معه الخرطوشة الاخيرة، وهي التوافق على إسم ثالث لرئاسة الجمهورية، لكنه سيتلقى رفضاً كالعادة من حزب الله وحلفائه، لانّ ما بعد غزة ومعارك الجنوب اللبناني ليسا كما قبله، اذ سيُستقبل بتأكيد وإصرار على ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، مع رسائل إلى الداخل والخارج، مفادها أنّ التمسّك بدعم ترشيح فرنجية لن يتزحزح، مع إشارة حزب الله إلى أنّ لا رئيس في لبنان من دون موافقته ونقطة على السطر، مما يعني سقوط ما سيطالب به الموفد الفرنسي من جديد.
باختصار أكثر من خرّب مهمة لودريان هو الثنائي الشيعي، خصوصاً الحزب الأصفر الذي لا يطمح بوصول رئيس الى بعبدا، ولذا يضع العصيّ في الدواليب وما أكثرها، والنتيجة انّ الخرطوشة الاخيرة التي سيحملها معه لودريان لن تفيد في اي معركة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: