لا تغيب أنظار “الثنائي” عن المختارة في هذه الفترة، علّها تستدير نحو المرشح الى الرئاسة رئيس تيار ” المردة ” سليمان فرنجية، فيختار حينئذ النائب السابق وليد جنبلاط وضعية رئاسية مغايرة، من خلال التصويت لفرنجية في نهاية المطاف، خصوصاً انه ” لا يقطع خيطاً ” كما يقول المثل الشائع، إلا بموافقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الصديق والحليف الدائم، وهذا ما يشجّع لانّ الطرفين يتوافقان دائماً، وفي حال ظهر اي تباين سياسي بينهما، سرعان ما يزول، وهذا هي النقطة الاهم التي يراهن عليها الثنائي، خصوصاً بري الذي يجد جنبلاط دائماً الى جانبه.
لذا نرى الحزب ” التقدمي الإشتراكي”، يتمسّك اليوم بخيار الحوار، وهو كان قد باشر بالإنفتاح والتحاور مع الحلفاء كما الخصوم السياسيين منذ أشهر، اذ قام بجولات على الافرقاء السياسيين، وها هو اليوم يواصل تحركاته فيستقبل حزب الله في كلمينصو، ويزور في اليوم الثاني عين التينة. منادياً بالحوار لحل الملفات العالقة، لا بل يعمل وساطات مع المعارضة كي ” يطرّي” الاجواء.
الى ذلك لطالما كان جنبلاط بيضة القبان في كل إستحقاق، اذ كان يقلب الاوضاع رأساً على عقب، وبطريقة فجائية يجعل كل الافرقاء السياسيين يتقرّبون منه لغايات سياسية ومصالح خاصة، فكان دائماً ” يقطفها صح” فيخرج منتصراً من اي ملف او قضية عالقة، وفي آخر الدقائق الحاسمة، لانه من اكثر السياسيين قدرةً على قراءة المرحلة، فهو ينسى فجأة الخصومة السياسية مع أي فريق، حتى لو حمل العداء له، فيعود أدراجه لينتفض على ذلك العداء الذي لا يدوم طويلاً، لانه يرفض العودة الى زمن التقوقع والشعارات الضيقة، كما يردّد دائماً بعد أي عملية إنفتاح فجائية على الخصم، لذا يعمل على تأسيس مرحلة جديدة مع الآخر، بحسب المصالح السياسية وبحسب ما يتطلّب التوقيت.
من هذا المنطلق أعاد علاقته بحزب الله ، فلا خصومة اليوم ولا هجوم او ردود، بل هدوء لافت على كل الجبهات، مع إعلانه الدائم عن ضرورة الاستغناء عن اي مرشح إستفزازي، لانّ التوافق مطلوب على الساحة الرئاسية، وإلا فوصول الرئيس الى بعبدا ما زال بعيداً، لذا لم تعد الاسماء المتداول بها فاعلة على الخط الرئاسي، خصوصاً بعدما وصلته همسات خارجية عن الاسم الرئاسي التوافقي المرتقب، لتصبح العناوين الوسطية والاعتدال مرافقة لجنبلاط تحت عنوان ” التوافق يعطي أملاً بانتخاب رئيس”، وهو بذلك قطع الطريق على المرشحين المحسوبين على أطراف سياسية معينة، ليصبح جنبلاط ذلك السياسي المتفهّم لوضعية لبنان الحساسة والدقيقة، فيما غيره ما زال على خط الخلافات والتناحرات التي ستبقى تراوح مكانها.