نشرت بعض وسائل الإعلام اليوم السبت خبراً منقولاً عن المديرية العامة لأمن الدولة يفيد بأنّها دهمت منزل المدعو "ح.م.م" فجراً، بعد ورود معلومات بوجود أسلحة في منزله وأنه كان يحضر لعمليات عدائية. من يقرأ هذا البيان، يشعر في بادئ الأمر وكأننا نعيش في قمة الأمن الاستباقي وأن القوى الأمنية، مشكورة على جهودها، تتحرّك لكي ينام المواطن قرير العينين في أمن وأمان. ولكن المفارقة، أن المدعو ح.م، الملقب بولاء عيتيت، هو من بلدة عيتيت قضاء صور في الجنوب، أحد مقاتلي حزب الله سابقاً، وأصيب في إحدى المعارك وكان من المفترض أن يتلقى تعويضاً مالياً من الحزب، إلا أن الأخير رفض دفع المتوجبات المادية، ما دفع بولاء للانقلاب عليه. بدأت رحلة الانقلاب بين ولاء والحزب منذ ما قبل ثورة 17 تشرين في العام 2019، وكثرت محاولات إسكاته نظراً لعلاقاته مع قيادات رفيعة المستوى في الحزب، وإمكانية تأثيره على البيئة الحاضنة، والأهم ما يملك من معلومات. وبالتالي كانت محاولات إسكاته بطبيعة الحال عن طريق القوة التي يتغنى بها حزب الله، تفجير منزله حيناً وتكبيل عائلته حيناً آخر، ليصل الأمر بالحزب الى إطلاق النار على ولاء وإصابته في رجله، وسجنه لأشهر عدة وتعذيبه، بعد شتمه أمينه العام حسن نصرالله وعلي الخامنئي وإحراق صورهما وأعلام الحزب في عيتيت، وطبعاً في سجنٍ تابع للحزب في الضاحية وليس للدولة اللبنانية. اليوم، نجح حزب الله في إسكات ولاء عيتيت للأبد، ولكن ترك خلفه الكثير من علامات الإستفهام، أولاً: هل بات جهاز أمن الدولة بيد الحزب لتنفيذ مخططاته؟ ثانياً: بعدما كان الملف في يد قوى الامن الداخلي التي حاولت اعتقاله منذ أكثر من أسبوع، كيف انتقل الى يد أمن الدولة؟ ثالثاً: ذكر التقرير أن المنزل مليء بالأسلحة وأنه يخطط لعمليات عدائية، كيف وصلت الأسلحة الى منزله الواقع في منطقة يسيطر عليها حزب الله بشكلٍ كامل، وكيف يمكن لولاء تنفيذ عمليات عدائية من دون علم الحزب المسبق؟ رابعاً: وإذا كان الحزب لا يعلم بالعمليات العدائية، فهل تمت تصفيته خوفاً من أن تكون العمليات العدائية موجهة ضده؟ خامساً: هل يعقل أن الأجهزة الأمنية، قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة، لم تستطع إخضاع مواطن مطلوب لديها وتوقيفه واضطرت الى إطلاق النار عليه وقتله؟ سادساً: هل كان ليحصل كل ما تقدّم لو أن ولاء جدّد إنتماءه للحزب؟ أسئلة بعهدة المعنيين للإجابة عنها، أولهم قيادات حزب الله المطالبة بالتوضيح للبيئة الشيعية قبل باقي اللبنانيين، وإلا سيرى الحزب بوجهه المئات من "ولاء عيتيت"، والمطلوب أيضاً التوضيح من النيابة العامة التي حولت الملف من يد قوى الأمن الى أمن الدولة، ويا ليتهم يطلعوننا على النوايا المخفية لمعارضي الحزب.


