في هذا اليوم ومنذ عشر سنوات، إغتيل الوزير السابق محمد شطح في انفجار سيارة مفخخة في وسط بيروت، وأسفر الانفجار عن سقوط ضحايا وجرحى، فتواصلت مسيرة شهداء 14 آذار بسقوط الشهيد محمد شطح، المعروف برجل الاعتدال.
الجريمة المروّعة التي إستهدفت شطح والمدنييّن الابرياء، والتي كانت تتكرّر كل فترة، من خلال إغتيال رموز تابعة للمعارضة، كان هدفها اولاً واخيراً إستدراج لبنان لفتنة كبيرة مخطّط لها خارجياً، من خلال قتل رمز كبير في الحوار مع كل الاطراف، ما جعله شهيد انجازاته الحوارية، خصوصاً انه عملَ على مدى سنوات على رفع اسم لبنان في المنابر الدولية، لكن للاسف كان القتل البربري الجزاء له، وسط قيام قوى مرتبطة بجهات إقليمية، تعمل لتوتير الاجواء وزرع الفتنة، ويساعدها في ذلك بأن الساحة اللبنانية مكشوفة على الاحتمالات كافة،خصوصاً بعد دخول لبنان في المجهول.
27 كانون الاول 2013، تاريخ يعيدنا الى الجملة الشهيرة، التي قالها يومها الرئيس فؤاد السنيورة، خلال تشييع الشهيد شطح، "ما كان قبل اغتيالك لن يكون بعده"، مما اعطى تفسيرات عدة لتلك العبارة، بحيث اعتبرها البعض انتفاضة جديدة لقوى المعارضة على الواقع المرير، رفضاً لسقوط المزيد من الشهداء، وبأنّ سلسلة إجراءات ستتخذ في وجه الإمعان بالقتل والتدمير، وستكون هذه العبارة برنامج عمل لقوى 14 آذار على مستوى القيادات، لكن أين نحن اليوم من تلك العبارة…؟
إغتيال شطح لا شك كان إستهدافاً واضحاً للرئيس سعد الحريري، لمنعه حينها من العودة الى لبنان، فضلاً عن انه اقرب المقرّبين اليه من خلال صفة المستشار، وقد إغتيل على مرمى حجر من بيت الوسط، وهذا شكّل رسالة الى الرئيس الحريري، إضافة الى سلسلة رسائل، ابرزها إقتراب الاستحقاق الرئاسي في ذلك الوقت، وبدء جلسات المحكمة الدولية مطلع العام 2014، كما ان الصحف تحدثت حينها عن رسالة، وجهّها شطح قبل إغتياله بأيام الى الرئيس الايراني، شارحاً فيها مبادرة هدفها تحييّد لبنان عن الصراعات،.
كل هذا يجعلنا نستذكر الاسباب التي ادت الى إغتيال رجل الاعتدال السياسي، الذي شكّل خسارة كبرى لكل قوى 14 آذار، لكن وككل الجرائم التي حصلت وأدت الى سقوط شهداء سياديين، مرّت كغيرها من دون ان تكشف القتلة، فيما النتيجة واحدة والقاتل واحد.
كم نحتاج اليوم الى مسؤولين من أمثال الشهيد محمد شطح، القادر على تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين، فكل شيء يوحي بالتشاؤم على الخط السياسي اللبناني، لان الوضع وصل الى طريق مسدود، على أمل ان تواصل القوى السيادية في خياراتها وعملها وأهدافها، لتحقيق سيادة وحرية واستقلال لبنان، كي لا يُغتال هؤلاء الابطال مرة ثانية.