جدلية استغلال التشيّع في المنطقة من قبل إيران

إيران-توسع-نشر-التشيّع-بريف-حلب

نجحت الجمهورية الإسلامية في إيران الى حدٍّ ما، على مرّ العقدَين الأخيرين، في ربط التشيّع بالولاء لمرجعية المرشد الأعلى وعقيدة ولاية الفقيه ترجمةً للخطاب التأسيسي لآية الله الخميني بتاريخ ١١/٢/١٩٨٠ في الذكرى السنوية الأولى لانتصار الثورة في إيران، حيث وضع الخميني برنامجاً خمسينياً لنشر الثورة والتشيّع في المنطقة العربية حين أشار الى العمل على تصدير الثورة الى مختلف أنحاء العالم من خلال تشكيل منظمات داخلية وخارجية، تَبيّن مع الوقت أن غالبيتها منظمات تأسست في دول المنطقة أكثر منها في العالم لغزو العقيدة الشيعية في صميمها كما في الكويت والمملكة العربية السعودية ولبنان.

حقيقة التشيّع في المنطقة والاختلافات العقائدية

ولم يعد خافياً على أحد أن عقيدة تصدير الثورة نابعة من أمرين أساسيين: أولهما النزعة القومية الإيرانية المناكفة لا بل المعادية للعرب، والعقيدة الشيعية الامامية التي تعتبر أهل السنّة تحديداً كفّاراً ومن الواجب القضاء عليهم أو تشييعهم. من هنا، انطلقت مسألة حقيقة التشيّع في المنطقة وطرحت المسألة الشيعية ( بعد مسألة الشرق وبعد سايكس بيكو أو ما عُرفَ بمسألة الأقليات التي أرهقت المنطقة العربية على مرّ عقود)، إذ بين التشيّع العربي والتشيّع بالمفهوم العقائدي الإيراني هناك فروقات جذرية، فالدين في إيران لا يشبه أبداً التشيّع العربي، وبالتالي مَن يعتبر الهجوم على إيران أو التعرّض لها هو تعرّض وهجوم على شيعة المنطقة العربية مخطىء تماماً لا بل مضلّل، فالشيعة العرب مذهب إسلامي ولكن الدين في إيران لا علاقة له بالإسلام لا من حيث العقائد ولا من حيث الطقوس ولا العبادات ولا حتى من حيث المفاهيم الإسلامية الدينية ولا النظر للصحابة ولا الى أي مفهوم ديني إسلامي صحيح.

التشيّع وظاهرة خليط المعتقدات الفارسية

على سبيل المثال، في إيران مدارس دينية ترفع علي الى مستوى الألوهية في ظاهرة تفسّرها تراكمات خليط من المعتقدات الفارسية من الزردشتية الى الهندية وصولاً للتشيّع الإيراني الوجهة، فالشيعة العرب هم الرواد الحقيقيون للتشيّع، وهم أصحاب المصلحة الحقيقية في تصحيح الاعوجاج، لا بل الانحراف الذي تمارسه طهران في بثّ العقيدة الإيمانية المسيّسة والتي تشوّه حقيقة المعتقد وتدمّر مذهب التشيّع من الداخل.

النظام الإيراني مسؤول عن موبقات المنطقة

هناك صراع بين قمّ والنجف، وهو صورة جلية للصراع العقائدي الديني حول المفاهيم الجوهرية التي لا تلتقي : فالتّقية عند الشيعة العرب غير التّقية عند الإيراني، والتوحيد لدى الشيعة العرب مختلف عن مفهوم التوحيد في الدين الإيراني، وقد أشار الى ذلك كله علي شريعتي في كتبه ومنها كتاب حول التشيّع العلوي والتشيّع الفارسي . علماء كثر داخل إيران يتكلمون بهذا الموضوع بكل صراحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي الأمر لم يعد سراً، ومن أفواه وأقلام علماء الدين داخل إيران، وهم شيعة يقفون في وجه بدعة نظام الملالي بناءً لرغبة القوى الدولية العربية في وجود مثل هذا النظام بعقيدته المختلفة عن التشيّع الديني الحقيقي، وقد وقفت تلك القوى على الدوام الى جانب النظام وعقيدته هذه، رافضةّ دعم الثورات والانتفاضات الشعبية التي قامت في إيران ضد هذا النظام المستبدّ والدكتاتوري والذي يعتبره الغرب نظاماً ديمقراطياً، هذا النظام المسؤول عن موبقات المنطقة كلها بدءاً من العراق الذي حوّلته إيران من أهم دولة عربية الى أسوأ الدول في المنطقة، علماً أنه في العام ١٩٦٨ صنّفت منظمة اليونيسيف العراق كأفضل بيئة في العالم لتربية الأطفال، فإين هم أطفال العراق اليوم من السيطرة الإيرانية على البلاد ومقدراتها؟

التشيّع الإيراني في سوريا ولبنان

وبالوصول الى سوريا ولبنان، فإن مناطق بشار الأسد في سوريا يسودها الفساد والتشيّع الإيراني ضمن البرامج التربوية التي تنشر الكراهية ضد العرب في المناهج، فيما لا تجد منهجاً واحداً أو مؤسسةً إيرانيةً واحدةً تعلّم العداء لإسرائيل، فالكذب والدجل والتحريف واستغلال كل شيء حتى الدين هم سمةُ محور إيران في المنطقة، وقد انتقلت تلك العدوى حتى الى “حماس”، ونذكر في هذا السياق كيف علا التصفيق أثناء انعقاد مؤتمر القدس في طهران في فندق أزادي حين قال خالد مشعل عن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إنه لا تجوز عليه الرحمة، ثم يعود في اإعلام العربي ليترحّم على عرفات في لعبة كذب ممجوجة انتهجتها حركته استتباعاً بإيران ونهجها الكاذب والمدلس.

حماس والمدرسة العبثية

أسامة حمدان، الناطق بإسم حماس في لبنان من تلك المدرسة العبثية، فهو يكذب في مواقفه وتصاريحه ولا يجرؤ على تكذيب إيران في موقفها النافي بأن يكون “طوفان الأقصى” هو عملية انتقام لمقتل قاسم سليماني، وهو الذي صدّع آذاننا باعتماد هذه الإسطوانة. إيران وإسرائيل وما بينهما حماس نجحوا في إنزال القضية الفلسطينية الى الحضيض في العالمَين العربي والإسلامي، وقد توافقوا كل وفق حساباته على ضرب القضية أمام الرأي العام في المنطقة، كل بموجب خطة عمل محكمَة ولكن وسائل التواصل الاجتماعي فضحتهم وتفضحهم جميعاً يومياً وساعة بساعة، وقد غاب عنهم أن الرأي العام العربي والدولي لم تعد تنطلي عليه كذباتهم وتآمرهم ومجازرهم، سواء في غزة أو في سوريا أو في العراق أو اليمن أو لبنان.

جدلية التشيّع في المنطقة اذاُ هي أحد أوجه المؤامرة الصهيونية- الإيرانية على المنطقة العربية والقضية الفلسطينية، وقد آن الآوان للأخوة الشيعة العرب لكي ينزعوا عن أنفسهم غبار التشويه لإيمانهم ومعتقدهم، وأن يوقفوا هذا المسلسل الجهنمي من الاستغلال الإيراني لعقيدة ودين وإيمان .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: