في خضم الضجيج الدولي المتصاعد من غبار الدمار في اوكرانيا باتت دول المنطقة امام تحدي صناعة مصيرها بيدها . فالقوى العظمى تتصارع على وقع غزو الروس لاوكرانيا والحرب هناك ام تقلب المعادلات والحسابات الجيو استراتيجية وحسب بقدر ما قلبت الاولويات الدولية رأسا على عقب .
فاولويات الولايات المتحدة الاميركية حاليا كيف تستثمر حتى الرمق الاخير تورط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اوكرانيا تمهيدا للتفرغ لاحقا للعدو الصيني . فاذا الرئيس بوتين قد خدم الاميركيين في امر فهو في انه قدم لهم على طبق فضي رأس نظامه الذي وان كان من الصعب حاليا تصور اهتزازه الا ان لا شيىء يمكن ان يضمن مستقبلا انهياره اذا تفاقم الكباش في اوكرانيا وبلغ حد ارتداد هذا الكباش تحديا وجوديا لساكن الكرملين .
اوروبيا الاولويات اليوم باتت الطاقة وكيفية الاعداد لمرحلة الاستغناء عن الغاز والنفط الروسي وكيفية بناء كيان اوروبي قوي ونظام امني جماعي يستخلص من غدر بوتين لها مقومات بنائه .
الصين اولوياتها منع تفاقم الحرب انطلاقا من ان ليس من مصلحتها الاستمرار في دعم حليفها الروسي المتعثر ميدانيا والذي بات يشكل عليها عبئا تجاه الغرب الذي تهمها فيه مصالحها الاقتصادية والمالية وصون طريق الحرير . انطلاقا من تلك الاولويات المتناقضة والمتصارعة باتت منطقة الشرق الاوسط قاب قوسين او ادنى من تغيرات جذرية ليس اقل مؤشراتها لقاءات الاطراف العربية والاقليمية والاسرائيلية الاخيرة والتي تحدثنا عنها سابقا ولا تطور الموقف الاقليمي من كيفية مواجهة الحاجة الاميركية المتسارعة نحو اتفاق نووي مع طهران وكيفية تنسيق المواجهة القادمة مع ايران نووية توظف المال المحرر والحرس الثوري المشرعن وتخطي واشنطن لملف السلاح الباليستي والتدخلات في دول المنطقة .فالكباش الاقليمي على اشده ووسط هذا الكباش قرار عربي باستعادة اكبر قدر ممكن من مساحات تحتلها ايران حاليا او تسيطر عليها بواسطة ميليشياتها وفي طليعتها حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن سيما وان الروس ضعفوا معنويا في سوريا والاميركيون سياسيا ونوويا في فيينا تجاه ايران .من هنا لا يجب ان يغيب عن بالنا كلبنانيين ان اللحظة السانحة الحالية كما هي سانحة لنا كسياديين لانتزاع بدء زوال السطوة الايرانية عبر الانتخابات اولا هي ايضا سانحة للمحتل الايراني وحكم وحكومة فيشي اللبنانية الذين لن يألوا جهدا لضرب السياديين سياسيا وامنيا . فما هو اخطر من الانتخابات بحد ذاتها بتجليها في ١٥ ايار هو ما قبل الانتخابات وما بعدها .لذلك فان المعركة الحقيقية وان كانت مغلفة بانتخابات نرجوها ديمقراطية الا انها معركة رسم احجام المرحلة المقبلة في لبنان والتي ستقود البلاد الى ما هو لصالحها او لصالح اعدائها من بين ثنايا المصالح المتطاحنة وغير المبالية اقليميا ودوليا .فالتجارب اثبتت ان المجتمع الدولي يضطر بالنهاية للوقوف الى جانب من يربح وليس الى جانب من يمتلك الحق والمشروعية .فكيف اذا الذي يربح يمتلك في ان واحد تلك المشروعية وذلك الحق ؟
فكي لا نذهب بين ارجل المواجهة الكبرى علينا كلبنانيين سياديين ان نحسم امورنا بالتوحد اولا ونبذ الايغو ego الشخصي لدى بعض القادة وباسماع صوتنا الحاسم في صندوقة الاقتراع علما ان ١٥ ايار لن تكون نهاية المطاف بل بداية النهاية ان اختار لبنان سيادته على عبوديته .