عند 13 نيسان من كل عام، تُستحضر ذكرى إندلاع حرب الـ 75 ويكثر “فولكلور” نبذها عبر “الوعظ” ومعزوفة “العيش المشترك”، وعبر إقامة نشاطات من مباراة كرة قدم بين سياسيين الى مسيرة على خطوط التماس وما بينهما، ويبلغ الأمر ببعضهم حدّ رفض تسميتها بـ”الحرب الاهلية” التي تقاطعت فيها مصالح إقليمية ودولية، ويُمعِن بالإنكار ويصرّ أنها “حرب الآخرين على أرضنا”، وبالتالي يسخّفون الأسباب العضوية لإندلاعها حين يحصرونها بالشرارة أي “بوسطة عين الرمانة”، كما سخفوا من قبل أسباب حرب 1840 بأنها “صراع على حجل” أو حرب 1860 بأنها بسبب تنازع بين “طفلين درزي وماروني” من دير القمر على لعبة “الكلل”.
13 نيسان 1975 يوم في روزنامة تعجّ بأيام عدة من “13 نيسان مع وقف التنفيذ”، كـ 26 شباط 1975 وإغتيال النائب معروف سعد الذي توفي في 6 آذار متأثراً بجروحه أو 26 آذار 1970 وحادثة كوع الكحالة أو “بروفا” 23 نيسان 1969 التي إنتهت بـ”اتفاق القاهرة” في 3 تشرين الثاني1969، الذي وقّعته منظمة التحرير الفلسطينية والدولة اللبنانية وكرّس إنتهاك السيادة وزرع بذور فتنة، أو الـ”mini – حرب” 2 أيار 1973 التي إنتهت بـتوقيع “إتفاق ملكارت” في 17 أيار 1973 الذي كان بمثابة بدء “العد العكسي” لإنفجار البلاد.
إلا أن الأسوأ من 13 نيسان 1975 هو كل يوم سبقه، لأنه كان يؤشّر الى حتمية وقوع الحرب ولم يحرّك كثرٌ أي ساكن لإبعاد شبحها، وربما تعمّدوا التلويح بها أو حتى الدفع نحوها لتحقيق المكاسب. للأسف يهوى بعضهم الرقص على حافة الانفجار ويقامر على طاولة مصالحه بمصير البلاد وحياة العِباد، ويلعب بالنار وهو يدرك أنها قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة.
الرقص على حافة الهاوية واللعب بالنار يتكرّر اليوم. صحيح ألا بوادر حرب أهلية غداً ولا ظروف لاندلاعها، وصحيح أن الانقسام هذه المرة ليس طائفياً ولكن منطق “الغالب والمغلوب” الذي يُمارس في جمهورية “الطائف” منذ إنتهاء الحرب وعنجهية السلاح وفائض القوة لدى بعضهم و”الفرعنة” كما “السلبطة” في تعاطيهم مع شركائهم في الوطن، تضعنا حكماً في زمن 12 نيسان وتجعلنا أسرى الخوف من 13 نيسان ما قد يدفعون اليه.
فهل مَن يتعظ من تجارب الماضي في بلد لم يجرؤ على تنقية الذاكرة أو كتابة التاريخ؟