في مثل هذا اليوم وقبل 17 عاماً، جمعت المصالح الخاصة المتبادلة الاضداد ضمن تفاهم وُقّع في كنيسة ” مار مخايل” في الشياح، بين “التيار الوطني الحر” وحزب الله، بين العماد ميشال عون والامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، تحت عناوين عدة في طليعتها حماية المسيحيين، وحينها طرح سؤال واحد من قبل كل الافرقاء السياسيين القريبين والبعيدين:” ما الذي يجمع تناقضين في السياسة؟، ويسير من خط سياسي الى آخر؟، خصوصاً انّ الشعارات لا تجمع الطرفين.
لكن ورقة التفاهم سلكت دربها بهدوء، وحوت بنوداً حول الحوار الوطني، والديموقراطية التوافقية، وقانون الانتخاب، والمفقودين خلال الحرب والمعتقلين في سوريا، وحل مشكلة اللبنانيين المبعدين الى اسرائيل في العام 2000، وإجراء المصالحة الوطنية، وإقامة علاقات لبنانية – سورية، وإتخاذ الخطوات والاجراءات القانونية المتعلقة، بتثبيت لبنانية مزارع شبعا، وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، ومعالجة ملف السلاح خارج المخيمات الفلسطينية، وحماية لبنان وصيانة استقلاله، مع إعتبار سلاح الحزب من ضمن مقاربة شاملة تقع بين حدّين: الاستناد الى المبرّرات التي تلقى الإجماع الوطني، وتشكل مكامن القوة للبنان واللبنانيين في الإبقاء على السلاح، مع الظروف التي تؤدي الى انتفاء أسباب ومبررات حمله، وضرورة إجراء حوار وطني، يؤدي الى صياغة استراتيجية دفاع يتوافق عليها اللبنانيون.
كل هذا وُضع في هذه الورقة التي لم يتحقق منها سوى القليل، ولم تستطع التقارب بين موقّعيها ومناصريهم سوى سنوات قليلة، بعدها باتت دروب الطرفين غير سالكة ، لانّ كل شيء ظهر في العلن على الرغم من محاولات حارة حريك ضبط الوضع، وعدم تبيان الخلافات ومحاولة “ضبضبتها”، في المقابل اصبح رئيس” التيار الوطني الحر” يحب كل شيء على المكشوف، لان الخلاف لم يعد غيمة صيف عابرة، بل مجموعة غيوم عابقة في اجواء “ميرنا الشالوحي”، تنذر بشتاء عاصف وتردّدات لهزّة قوية .
الى ذلك ، وبعد التراكمات السياسية التي أشعلت الخلاف بين الحزب و” التيار”، كانت جلسات مجلس الوزراء الفتيل الذي أطلق العنان للسجالات، وعدم سير الطرفين على طريق سياسي واحد، لانّ الخبايا كشفت من باب بعض الملفات، لتتطور اكثر فأكثر، من دون ان ينجح الوسطاء في مهماتهم الصعبة، لانّ بعض مسؤولي الحزب ذكّر النواب العونيين، بأنّ بعضهم وصل الى المجلس بفضل اصوات محازبيهم ومناصريهم، أي” تربيح جميله ” كل فترة، الامر الذي ألغى الجملة الشهيرة المتبادلة سابقاً:” يُخطئ مَن يعتقد أنّ هنالك خلافات سياسية عميقة وكبيرة بين” الوطني الحر” وحزب الله”، لكن جلستيّ الحكومة اللتين عُقدتا قبل فترة، واليوم الجلسة الثالثة على الطريق، اطلقوا العنان لـ” زعل ” باسيل من الحليف، الذي لم يقف الى جانبه بل اعطى الضوء الاخضر للخصم الاكبر أي نجيب ميقاتي، ما جعل باسيل وحيداً من دون أي حليف، بالتزامن مع الاصوات العونية الشاجبة والرافضة لما يجري.
وفي ما يخص العلاقة الراهنة بين الفريقين، وأخرها لقاء وفد من الحزب برئاسة النائب محمد رعد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في الرابية، حيث كان التصريح مكتوباَ على غير عادة، وكل شيء محضّر لانّ السجالات والخلافات الى تطور وفق المعلومات، مما يعني انّ الذكرى حلّت على الحليفين السابقين بحزن، والعشاق تفرقوا و” التفاهم ” لن يحتفل بعيده، لانّ وقت الرحيل قد حان.
