سنتان على الفاجعة ولم يتغيّر شيء، الصمت المُبكي يخيّم على ارجاء مرفأ العاصمة الجريحة، بات المكان نقطة مخيفة ومرعبة لكل اللبنانيين، وبصورة خاصة للقاطنين في محيطه، والمستمرين بلملمة جراحهم التي لا تنتسى، مع غياب احبائهم الذين سقطوا ضحايا تفجير رهيب، غابت عنه التحقيقات فغيّبت معها عدالة الارض، فيما كانت الوعود بمعرفة المسبّبين والمسؤولين عنه بغضون 5 ايام، إمتدت لسنتين ومَن يعرف فقد تمتد الى أمد بعيد لن نعرف حقيقته يوماً، اذ إعتدنا في لبنان على هذه الصورة، فلا عدالة ولا محاسبة، بل طمس للحقائق وغياب للمسؤوليات، لكن لو حدث ذلك الانفجار في اي بلد في العالم، لكانت سقطت عروش وأنظمة…
فبعد مضيّ سنتين على انفجار4 آب ، الذي قضى على آخر معالم وهيبة الدولة، والذي تصدّر قائمة الكوارث العالمية، نظراً لهول نتائجه وتداعياته، أسقط ضحايا وجرحى وقضى على نصف العاصمة، فمحى معه اي بادرة امل بهذا البلد، من دون ان ترّف جفون اهل السلطة، المستمرة في إطلاق اكاذيبها كالعادة لتبرير فسادها، وإنعدام مسؤولياتها إزاء اي مسألة او ملف او قضية، تحت شعار ” لم نكن نعلم”، فيما المطلوب عدم الاستخفاف بعقولنا، وعدم إطلاق البعض العنان لمخيلته السينمائية، لان ما جرى يطرح تساؤلات، واتهامات للسلطة بالإهمال وبإخفاء حقيقة ما جرى، مع تكرار الجواب الدائم ” ليـست مسؤوليـتي”.
الى ذلك عادت مشاهد الخوف لتسيطر من جديد، مع إنحناء الجانب الشمالي من اهراءات القمح في المرفأ الذي بات حاداَ جداً، وذلك نتيجة النيران المندلعة فيه منذ السابع من تموز الماضي، بفعل تخمّر الحبوب المتروكة، والتي أدّت الى إضعاف أساساته المتصدّعة منذ حدوث الانفجار.
ذكريات مؤلمة تعيش فى أذهان المواطنين، فيما إخفاء الحقيقة قائم بقوة ، ولا مَن يسأل، الصدمات تتوالى امام اللبنانيين، الذين ما زالوا غير مصدقين لما جرى ويجري…
فلماذا يستمر غياب الدولة والمعنييّن والتهاون وعدم تحمّل المسؤوليات؟، ولماذا اوقفت التحقيقات وكُفت يد القاضي طارق البيطار عن متابعة مهمته ؟، فالابرياء لا يخافون من المساءلة، لكن هذه الصورة لوحدها تشير الى الحقيقة، وفي النهاية لا بدّ لعدالة السماء ان تأتي…