في يوم الإستشارات الطويل غلبت أجواء التفاؤل على الملف الحكومي، فبدت الأكثرية منشرحة بإمكانية خرق الجدار المقفل، ولو ببضعة ثقوب تُدخل البهجة المزيفة الى قلوب اللبنانيين التواقين الى الإنفراج، والأمل بإمكانية حدوث شيء ما ينتشلهم من الغرق الأخير. لكن ومع بدء التأليف المرتقب، والمترافق مع تقاسم الحصص الدسمة، وعودة نغمتيّ الطائفية والمذهبية، سوف تغيب تلك الإيجابية المفرطة، التي أدت الى هبوط في سعر صرف الدولار، وإعطاء بعض المعنويات للعملة الوطنية، مع الأمل بألا يهبط هذا التفاؤل إعتباراً من يوم غد، ويتلاشى وتعود الخلافات القديمة – الجديدة، خصوصاً أن لا شيء تغيّر، فالرئيس ميقاتي هو امتداد سياسي للرئيس سعد الحريري، وهو الآتي من نادي رؤساء الحكومات السابقين المؤيدين للأخير، ما يعني أنّ العهد وفريقه سيواصلون التعطيل، وإن بطريقة مبطنّة لن يظهروها الى العلن، لكن كل شيء بات مكشوفاً، والكل يعرف هوية المعرقلين. لذا نتوقع الا يستمر الرئيس ميقاتي في مهمته الشاقة أكثر من شهر، بحسب المهلة التي أعطاها، لأنه لن يعطي فرصة أكثر من ذلك وعندها سيعتذر، فضلاً عن رفض شعبي له، وهذا ما شاهدناه مساء أمس أمام منزله في العاصمة، مع قطع بعض الطرقات، وثمة معلومات عن مواصلة هذا الرفض بعد إعلان تكليفه رسمياً.
الى ذلك تصف مصادر سياسية مطلعة على اللقاء الذي حصل بين ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يوم السبت، بعملية جسّ نبض متبادلة، والتذاكي على بعضهما كان سيّد الموقف، وكل ما اُطلق من تفاؤل بإمكانية العمل سوياً، والإسراع في التأليف ليس سوى مناورة، خصوصاً قبل تاريخ 4 آب ، أي بسرعة غير مسبوقة، وهذا غير وارد بحسب المصادر المطلعة، بحيث سيكون العنوان “التأليف قائم على نار حامية”، فيما الحقيقة أنّ التناحر قائم على نار حامية، من خلال الثلث المعطل الذي سيتسلّل من جديد، عبر باسيل علّه يحصل عليه بطريقة ما، من خلال ” فذلكات” جديدة لن يتقبلها ميقاتي، لذا فالمشوار سيُكمل معه من دون أن يصل الى الهدف، وفي الذهن العوني حان وقت الإنتقام من الحريرية السياسية بالرئيس المكلف الجديد، أي لن يحصل على ما سبقه اليه الحريري، وهذا يعني أنّ الأزمات الى تفاقم، وميقاتي لا يملك عصا سحرية تقلب أوضاع لبنان رأساً على عقب، والسيناريو سيتكرّر الى أن يحين وقت التغيّير المنتظر.