أوضح رئيس تجمع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الإيجارات، أديب زخور، في بيان، أن "التعديلات الأخيرة التي طالت قانون الإيجارات الأساسي تشوبها أخطاء في الصياغة كان بالإمكان تفاديها، وأخطاء في الأساس".
وقال: "ميزت التعديلات بين أربع فئات:
- الفئة الأولى: المستأجرون في الأماكن غير السكنية بشكل عام، وتشمل جميع فئات المؤسسات التجارية والمهن الحرة والحرفية، وأعطيت تمديدًا لمدة خمس سنوات.
- الفئة الثانية: حصرت التمديد بست سنوات لأصحاب المؤسسات التجارية الذين دفعوا الخلو قبل 2015. وهنا التمييز غير المحق بين المؤسسات التجارية ذاتها، إذ أعطيت سنة إضافية ولم تُعط لأماكن المهن الحرة والحرفية الذين دفعوا الخلو قبل 2015، وهم في ذات الحالة. كما ميزت بينهم وبين الفئة الأولى وحرمت هذه الأماكن من سنة تمديدية دون تبرير.
- الفئة الثالثة: حصرت التمديد لسبع سنوات لأصحاب المؤسسات التجارية الذين دفعوا الخلو بعد 2015، وهنا التمييز غير المحق أيضًا بحق المؤسسات التجارية ذاتها التي أعطيت سنة إضافية وميزتها عن الفئة الأولى والثانية، خاصة أن المشرّع لم يعط ذات التمديد الإضافي لأماكن المهن الحرة والحرفية الذين دفعوا الخلو قبل أو بعد 2015، وهم في ذات الحالة، وحرمت هذه الأماكن من التمديد سنتين دون أي مبرر.
- الفئة الرابعة: حصرت التمديد لثماني سنوات للأماكن المشغولة من الدولة، وزجّت بطريقة فجائية وغير مبررة بفئة الصيادلة، وعرفتهم بالمؤسسة التجارية المتصلة بمهنة حرّة منظمة بقانون. وهنا التمييز الفاضح، كون القانون الأساسي للإيجارات المتعاقبة كافة لم يميز بين المهن الحرة المنظمة بقانون، خاصة وأن الصيادلة مثل المحامين والمهندسين والأطباء مدرجون ضمن فئة المهن الحرة المنظمة بقانون، وقد جاءت التعديلات وأعطت الصيادلة بشكل استثنائي امتيازات بالتمديد لمدة قصوى تصل إلى 8 سنوات، وميزتهم ليس فقط عن المهن الحرة بل أيضًا على المؤسسات التجارية الذين دفعوا الخلو قبل أو بعد 2015، مع العلم أن صفة المؤسسة التجارية لا تنطبق على الصيادلة الذين هم من فئة المهن الحرة المنظمة بقانون، إضافة إلى أنهم لا يكتسبون صفة التاجر التي تمتاز بها من يملك المؤسسة التجارية، كما لا مبرر لتمييز الأماكن المؤجرة من الدولة وتمييزها عن المواطنين العاديين، والتي لم يميزها أي من قوانين الإيجارات".
وأضاف: "لا مبرر لتقسيم التمديد بين 6 و8 سنوات طالما أن جميع المستأجرين في الأماكن غير السكنية هم في ذات الوضعية القانونية، سواء للدولة أو المؤسسات التجارية والمهن الحرة والحرفية. وقوانين الإيجارات والمؤسسة التجارية مددت للجميع دون استثناء وكفلت لهم تعويضاتهم، وبالتالي يتوجب التمديد لجميع الفئات بذات سنوات التمديد طالما أن المالك يعطى الزيادات القانونية".
وأشار إلى أن "المشرع أضاف في الفقرة (ج) من المادة الأولى من التعديلات فئة جديدة أخضعها للتمديد 8 سنوات، وهي الأماكن غير السكنية التي تتخطى مساحتها 500 متر مربع، والتي يتحمل المستأجر فيها عن المالك المؤجر تكاليف ونفقات هي بطبيعتها على عاتق المالك، ولا سيما منها أعمال إعادة البناء، معالجة التلف، الترميم، الإصلاحات الهيكلية، صيانة الواجهات، القسائم المشتركة، وإضافة المساحات بعلم المالك. ويلاحظ أنه ليس هناك معيار واضح لاعتماد المساحة أعلاه، فلماذا لا تكون 30 أو 40 مترًا مثلاً؟ ولماذا أعطي هذا الامتياز ولم يرتبط بدفع الخلو وميز عن كل الفئات، وربط بشرط آخر هو قيام المستأجر بتكاليف ونفقات هي بطبيعتها على عاتق المالك؟" وسأل: "لماذا لم يُعط هذا الامتياز لباقي المستأجرين؟ هم في ذات الحالة ويمكن أن يكونوا تكبدوا نفقات أكبر؟ هذه الطروحات تخالف المساواة وتضرب الحقوق المكتسبة التي تم التعاقد عليها وفقًا لقانون 11/67 وثبتها المشرع لسنوات طويلة".
وتابع بشأن الزيادات التصاعدية على بدلات الإيجار أو بدل المثل: "جاءت المادة الثانية لتحدد بدل المثل بـ5% تصاعدية بدلًا من 8%، وحدّت المادة الثالثة توزيعها على السنوات التمديدية بحيث تضاعف بشكل تصاعدي للفئة الأولى والثانية بحسب سنوات التمديد 30% من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به قبل نفاذ هذا القانون وبدل المثل المشار إليه، للسنة التمديدية الأولى التي تلي تاريخ نفاذ القانون، وتعاد المحاسبة بنسبة 40% للسنة الثانية، و50% في السنة الثالثة، و100% للسنوات المتبقية الرابعة والخامسة والسادسة بحسب فئتيها الأولى والثانية. وتضاعف بنفس الطريقة للفئتين الثالثة والرابعة بحسب سنوات التمديد، بنسبة 30% للسنة الأولى، 40% للسنة الثانية، 50% للسنة الثالثة، 60% للسنة الرابعة، و100% للسنوات المتبقية الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة بحسب فئتها، أي بدل المثل 5%".
وحول التعويضات وضمان التمديد والاستمرارية، أشار إلى أنه "بعد إبطال الفقرة (د) من المادة العاشرة من قانون الإيجارات غير السكنية رقم 11 تاريخ 12 حزيران 2025، والمتعلقة بإبطال تنازل التعويض مع مرور السنوات التمديدية، ولم يبادر المشرّع إلى إعادة صياغتها، ثبت استمرار التعويض واستحقاقه طوال السنوات التمديدية، وهي تخضع للتقييم وفقًا لقانون المؤسسة التجارية 11/67 الذي لا يزال ساريًا لجهة تقييم التعويضات واستحقاقها، ويضمن التمديد واستمرارية عمل المؤسسة التجارية والتعويض عليها عند فسخ العقد دون أي مبرر قانوني. وعلى المستأجرين إثارتها للمطالبة بتعويضاتهم المنصوص عليها في قانون 11/67 وعقود الإيجارات الأساسية، وحتى في قانون الإيجارات الحالي، والموازية للمادة L145-14 وما يليها من القانون التجاري الفرنسي التي حدّدت مدة الإيجار بـ9 سنوات مع حق المستأجر بتجديدها 9 سنوات، أي لمدة 18 سنة و27 سنة وهكذا بتجديد دون حدود حتى ولو رفض المؤجر التجديد، باستثناء حالات جدية ومهمة ومبررة، حيث يتوجب أيضًا في هذه الحالة دفع تعويض الإخلاء (indemnité d'éviction) للمستأجر. وبعد عرض المادة أعلاه على المجلس الدستوري الفرنسي، قضى بدستورية التمديد لعقود الإيجار التجارية والتعويض عليها عند فسخ العقود واعتبر أنها مطابقة للدستور والقانون، بعكس المجلس الدستوري والمجلس النيابي اللبناني. لا يوجد أي مبدأ في العالم ينزع الملكية دون تعويض: جاءت المادة 15 من الدستور اللبناني لتضع حق الملكية سواء التجارية أو العقارية في حمى القانون، وقد أكدها المجلس الدستوري الفرنسي كما بينا وسنعود إليه بالتفصيل. كما أن المخالفة الواردة في قرار المجلس الدستوري بالطعن بقانون الإيجارات غير السكنية أوردت اجتهادات تؤكد على حق الملكية الدستوري إلا أنها تنطبق بكافة أبعادها على الملكية التجارية والمهنية والحرفية ولا يمكن نزعها إلا بالتعويض عليها، وإن كانت المخالفة تطالب بإبطال القانون والعودة إلى قانون الموجبات والعقود، إلا أن هذا المطلب مخالف للقانون كون المادة 38 من قانون الإيجارات 2/2017 نصت على التمديد لحين نفاذ قانون خاص ينظم علاقة المالك بالمستأجر. إضافة إلى أن القرار برمته لم يتنبه لا إلى القانون التجاري الفرنسي ولا إلى القانون 11/67 ولا إلى قرار المجلس الدستوري الفرنسي مما أفقد قرار المجلس الدستوري أساسه القانوني".
وتحدث عن الخلو والتنازل عن المؤسسة، وقال: "عندما يُسأل عن حق بيع المؤسسة التجارية والخلو، نجدها منصوصة عليها بالقانون اللبناني الموازي للنص الفرنسي حيث نصت المادة L145-16 من القانون التجاري الفرنسي والمطابقة لقانون المؤسسة التجارية وقانون الإيجارات الذي كان معمولًا به، على حق المستأجر في التنازل وبيع المؤسسة التجارية والتي يعتبر عقد الإيجار جزءًا لا يتجزأ منها كما بينا، بعكس التحليل الخاطئ للتشريع اللبناني ومن بعده المجلس الدستوري".
وعن حق المستأجر في شراء المؤسسة من المالك بالأفضلية قال: "بالإضافة إلى أن التشريع الفرنسي زاد على قانون المؤسسة التجارية اللبنانية 11/67 وعدله بحيث نصت المادة L145-46-1 من القانون التجاري الفرنسي، أنه في حالة بيع العقار المؤجر من الغير، يحق للمستأجر صاحب المؤسسة الأولوية في شراء هذا العقار، وطبقها المشرّع اللبناني في قانون الإيجارات السكني 2/2017".
وعن وضع المشرّع سقفًا للزيادات على بدلات الإيجار قال: "وضع المشرّع الفرنسي حدودًا وسقفًا للزيادات على بدلات الإيجار بعكس ما يتم تداوله، وهذا ما كنا ننادي به منذ سنوات، بحيث حدّد المشرع الفرنسي سقفًا لبدلات الإيجار المجدّد بشكل مبدئي بالرجوع إلى مؤشر الإيجارات التجارية (ILC) أو مؤشر إيجارات الأنشطة الخدمية (ILAT)، إلا في حالة وجود تغيير ملحوظ في عوامل التجارة المحلية أدى إلى تغيير يزيد عن 10% في القيمة الإيجارية للمأجور، أي أن الزيادة لا يمكن أن تتجاوز 10% من الإيجار الحالي في كل مراجعة قانونية عادة كل 3 سنوات. بحيث يمكن مراجعة بدلات الإيجار كل ثلاث سنوات (المادة L145-38 من القانون التجاري الفرنسي)، ولكن هذه المراجعة تخضع أيضًا لسقف محدد، إلا إذا تغيرت القيمة الإيجارية للعقار بأكثر من 10%، وهي لم تتغير صعودًا في لبنان بل نزولًا، ويتوجب حصر الزيادات ضمن المعدلات والزيادات الطارئة على الأجور، وبما يتناسب مع بدل الإيجار الواقعي والحقيقي".