رغم أن الحرب في غزة لم تتجاوز الـ77 يوما، إلا أن الحملة العسكرية الإسرائيلية تكشف أن الأضرار التي لحقت بالقطاع فاقت كل الصراعات والحروب التي جرت في القرن الواحد والعشرين، وفق تحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق من ناحية النطاق والشدة نفذه مسلحون من حماس بعد اقتحامهم الحدود بين غزة وجنوب إسرائيل، وأدى إلى مقتل نحو 1200 إسرائيلي وخطف 250 شخصا لا يزال 129 منهم محتجزين في القطاع وفق سلطات إسرائيل.
وأدى القصف الإسرائيلي الانتقامي بآلاف القنابل برا وبحرا وجوا، إلى مقتل 20258 شخصا في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 53 ألفا آخرين، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وبحسب التحقيق، فإن الدمار الذي لحق بالقطاع وبالسرعة التي حصل فيها، يتجاوز أي حرب وقعت في المنطقة، وهو يتجاوز ما تم تدميره في معارك النظام السوري في حلب خلال الأعوام 2013 وحتى 2016، أو حتى الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا في 2017.
وأعتمدت الصحيفة في تحقيقها على مقارنات بتحليل صور الأقمار الصناعية، وبيانات الغارات الجوية وتقييمات الأمم المتحدة، مع إجراء مقابلات مع أكثر من 20 شخصا يعملون في الإغاثة والرعاية الصحية وخبراء في الذخائر والحرب.
وكشف التحقيق أن الجيش الإسرائيلي "شن غارات جوية متكررة واسعة النطاق قرب مستشفيات يفترض أنها محمية بموجب قوانين الحرب"، حيث تظهر صور الدمار ومكان الضربات الجوية أنها كانت قريبة من 17 مستشفى على الأقل من بين 28 مستشفى في شمال غزة، وفي بعض الحالات استخدمت إسرائيل قنابل وزنها يزيد عن ألفي رطل، أي حوالي طن.
"لا توجد منطقة آمنة"، هكذا وصفت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميرينا سبولجياريك إيغر، الوضع في غزة بعد زيارتها مطلع كانون الأول.
وقالت: "لا تمر بشارع واحد إلا وترى فيه تدميرا للبنية التحتية بما في ذلك المستشفيات".
ومنذ بداية الحرب وحتى الآن أجبر ما يقارب من 1.9 مليون شخص، أي أكثر من 85 في المئة من سكان غزة، على ترك منازلهم، وهو أكبر نزوح منذ عام 1948.
وقال الجيش الإسرائيلي في رد على صحيفة واشنطن بوست: "ردا على هجمات حماس الوحشية يعمل جيش الدفاع الإسرائيلي على تفكيك قدرات حماس العسكرية والإدارية. وفي تناقض صارخ مع هجمات حماس المتعمدة على الرجال والنساء والأطفال الإسرائيليين، يتبع جيش الدفاع الإسرائيلي القانون الدولي ويتخذ الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين".
المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية الأسبق، مايكل لينك، قال إن "حجم القتلى المدنيين الفلسطينيين في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن، هو أعلى معدل للضحايا المدنيين في القرن الحادي والعشرين".
وعلى صعيد المباني خلال الفترة الممتدة ما بين 7 تشرين الأول وحتى 26 تشرين الثاني الماضي تضرر أكثر من قرابة 38 ألف مبنى في غزة، نحو 30 ألف منها في شمال القطاع لوحده.
وفي مقارنة الأضرار التي لحقت بغزة حتى أواخر نوفمبر الماضي مع الأضرار التي لحقت بحلب التي شن النظام السوري هجمات ضرية عليها خلال 2013 حتى 2016، كان حجم الدمار متقاربا رغم عدم مرور سوى 7 أسابيع على الحرب في غزة.