كتب معتز خليل مدير مركز رصد للدراسات السياسية والاستراتيجية – لندن:
لا شك أن عدد محور “الممانعة” في لبنان يعمل لدعم غزة عسكريا، وهو أمر بالطبع بات واضحا مع الهجوم العسكري الذي تشنه عدد من الوحدات القتالية التابعة لـ”حزب الله” وسقوط عدد كبير من القتلى من صفوفه.
في ذروة كل ذلك يمكن القول أن هناك حالة عدم رضى في لبنان من الدخول في مغامرة عسكرية جديدة ضد إسرائيل، حتى أن الكثير من اللبنانيين قالوا أن “حزب الله” يرغب حاليا في إدخال البلاد حربا لا علاقة لها بها.
غير أن دقة التطورات الحالية يمكن أن تدفع بلبنان إلى الأسوأ بسبب عوامل عدة أبرزها:
١-عدم وضوح أي رؤية للتهدئة خلال الفترة المقبلة.
٢-تعقد طريق المفاوضات بصورة كبيرة بين إسرائيل من جهة وحركة “حماس” من جهة أخرى.
٣-تزايد الضغوط والمطالب من “الممانعة” الهادفة لمشاركة “حزب الله تحديدا في الحرب مع حركة حماس في غزة، لتكون بمثابة وحدة ساحات قتالية تحتاجها حركة “حماس” الآن.
٤-الأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان، وهي الأوضاع التي ستجعل أي حرب تُخاض على أرض هذه الدولة الصغيرة بمثابة مغامرة لا طائل منها، وسيكون لها الكثير من الانعكاسات السلبية على الوضع العام بالبلاد.
غير أن الواقع السياسي والاستراتيجي الذي يعيشه لبنان حاليا يقف عائقاً أمام تحقيق هذه الرغبة العسكرية في ظل تصاعد الأزمات الداخلية في لبنان، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أيضا، وهو ما يدفع بالكثير من القيادات التابعة لـ”حزب الله” بالفعل إلى التروي التام قبل الدخول في عملية عسكرية.
اللافت هنا أن الساحة اللبنانية باتت حساسة للغاية على الصعيد الإعلامي خلال الآونة الأخيرة، وهو ما ظهر عقب التقرير الذي أنتجته إحدى القنوات وحمل عنوان: “حرب المجانين والمتطرفين في غزة” ، وهو التقرير الذي حمل انتقادات لكل من أشعل هذه الحرب، بمن فيهم الإسرائيليين وقيادات “حماس”. وكان واضحا أن معد التقرير يتحدث بوضوح ضد التطرف في إسرائيل وينتقد وزير المالية سموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، إلا أن مجرد الحديث ولو بالقليل عن “حماس” دفعت بالمواقع اللبنانية الموالية لـ”حزب الله” وإيران إلى شن حملة على القناة، الأمر الذي يزيد من حساسية ودقة هذا الموقف وتلك القضية برمتها.
عموما بات واضحا أن الساحة اللبنانية تعيش بالفعل في فترة حساسة، وهي الفترة التي لن تهدأ بسهولة خلال المرحلة المقبلة في ظل تصاعد الكثير من التجاذبات الإقليمية الآن.