يسلك ملف الترفيعات والمناقلات الدبلوماسية مسارا دقيقا خصوصا اليوم قبيل الإنتخابات النيابية المقبلة، فما يعمل عليه وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب من محاولات لتمرير مشروع لا يشكّل إلا مخالفة جسيمة، وهذا ما كان واضحا في المشروع الذي قدّمه لرئيس الحكومة عن المناقلات والترفيعات الدبلوماسية الجزئية والذي تضمن إستنسابية كبيرة في عملية التشكيلات، وهذا ما دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي لإعادة المشروع الى وزير الخارجية لوضع مشروعا آخر يعتمد فيه على معايير موحّدة. وفي هذا السياق، تكشف معلومات عن أن المشروع المذكور يعتمد على "مراعات الحاجات الحزبية بدلاً من الاصول الاداريّة"، معتبرا أن المشكلة الأساسية في وزارة الخارجية تكمن بأن قرار الوزارة يأتي من خارجها، وما يؤكد ذلك هو نقاط عدة أهمها وأوضحها هو أولا تغييب دور "اللجنة الادارية المنصوص عليها في نظام وزارة الخارجية" وتكليف بالمقابل "السيد طارق صادق، مستشار الوزير جبران باسيل، بوضع المناقلات والترفيعات الدبلوماسية، علما بانه من خارج الوزارة، وينتمي لحزب التيّار الوطني الحر، وهو كان مرشحا على لوائحه للانتخابات النيابية في كسروان-جبيل"، وهذا ما يثير سخط عدد كبير من المعنيين في هذا الموضوع على إعتبار أن الوزارة اليوم تعمل تلبيةً لمتطلبات حزبية وسياسية وهذا ما يمكنه ضرب التوازن بين السفراء من الفئة الاولى ودبلوماسيي الفئة الثانية في الوزارة. وفي السياق ذاته تكشف المعلومات "ان عدد السفراء المسيحيين الذين ستتمّ اعادتهم الى الادارة يبلغ 22 سفيرا من اصل 34، وهذا ما يغنينا عن القول انه سيتم ملء هذه المراكز المسيحية، اضافة الى المراكز المسيحية الشاغرة اصلا، من قبل دبلوماسيين قريبين من التيار الوطني الحر. فباسيل يسعى لتعيين مستشارين من الفئة الثانية كرؤساء بعثات بلقب سفير، ومعلوم داخل وزارة الخارجية، ان باسيل طالما فضّل التعاون مع صغار الدبلوماسيين المطواعين، على حساب السفراء من الفئة الاولى".إذا فالتيار الوطني الحر لم يكتفِ بما "نسفه" من مؤسسات الدولة في هذا البلد، ومن دعم اللاشرعية في هذا البلد، بل يسعى أيضا "بكل عين وقحة" أن يسرق الدبلوماسية من التشكيلات ويعيّن ما يحلو له وما يقوي أكثر وأكثر تغلله السام في هذه الدولة. فهل من سيرد "عنتر" في صناديق الإقتراع هذه المرة، أم أن هذه السموم ستنتشر أكثر وأكثر ؟
