بعكس كل ما يُقال ويُشاع عن ردود انتقامية وبيانات نارية لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والتوعّد بالردّ، فإن اغتيال العاروري بداية انقشاع غيوم “مأزق ” حرب غزة لبنيامين نتانياهو ولحماس وإيران في الوقت نفسه.
حماس باعت العاروري وحزب الله خانه
“حماس” قالت إن صالح العاروري مهندس “طوفان الأقصى” أي الرأس المدبّر لتلك العملية، بالتزامن مع مساعٍ كبرى إقليمية ودولية تُبذل من أجل إيقاف الحرب في غزة.
وما حصل واضح تماماً في قراءتنا الجيو سياسية : من أجل وقف الحرب لا بدّ من “كبش فداء”، فمَن أهم وأخطر من صالح العاروري اذاً ليتمكّن نتانياهو من التباهي بتحقيقه نصراً سياسياً كبيراً يهدّىء توترات جبهته الداخلية، ومَن أهم وأخطر من صالح العاروري لإعطاء إسرائيل “دفعة كبيرة على الحساب ” ؟
نعم “حماس” باعت صالح العاروري وحزب الله خانه “بجواسيس مفترَضين “، وأبلغ إسرائيل بإحداثيات إقامة العاروري في لبنان، وتحديداً في الضاحية الجنوبية، وإسرائيل رضيت بهذا الصيد الثمين، بالتالي فُتحت أبواب التهدئة. الكل سيبدأ بالنزول عن الشجرة كما يقول المثل، وبعكس كل ما يُقال ويُشاع والتوقّعات التفجيرية وانتظار كلمة أمين عام حزب الله، وماذا سيكون موقفه وكل هذا الكلام الفارغ لا طائل منه.
حرب غزة كانت لمصلحة إيران فقط
ميليشيات تابعة لإيران تأمرها وتوجّهها تِبعاً لمصالحها لا تبعاً لمصالح هذه الميليشيات، وهي مصالح عليا، وما الميليشيات سوى الأدوات التنفيذية ليس أكثر، أما
حفلة المزايدات والمغالاة في حرب غزة فقد انتهت … والكل في حرب غزة وصلَ الى نقطة الاستعداد للتنازل عن عليائه، فالحرب للأسف إذا ما نظرنا الى مفاعيلها الجيو سياسية لم تكن أبداً سوى لمصلحة إيران وميليشياتها، إذ إنها جعلت منهم أبطالاً، سواء حماس في غزة أو حزب الله في جنوب لبنان أو الحوثيين في اليمن من ضمن مساحات التخادم الأميركي- الإيراني- الإسرائيلي، فتلك الحرب لم تكن لا لمصلحة القضية الفلسطينية ولا لمصلحة العرب ولا لمصلحة المنطقة ككل، وبالتالي فإن الحرب الحقيقية، لو أرادتها واشنطن، كان يجب أن تستهدف ميليشيات إيران، فيما حرب غزة لمّعت صورة الميليشيات، وجعلت حتى اللبنانيين السياديين بشكل أو بآخر ينتظرون ردات فعل حسن نصرالله وحزبه ومدى التزامه ام لا بقواعد الاشتباك التي سقطت بدورها ومعها واقع القرار ١٧٠١ بدليل العودة للمطالبة بتطبيقه.والادهى في كل ذلك، أن بعض المفكّرين والمثقّفين في لبنان والمنطقة العربية يمجّدون بالحوثيين ويعتبرونهم أبطالاً، متناسين أن الحوثيين هؤلاء أنفسهم قصفوا واعتدوا على مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة في المملكة العربية السعودية، وزعزعوا أمن المنطقة الخليجية والعربية واستقرارها .
المايسترو الإيراني طمأن الأميركي حول ضبط الساحات ولا تصعيد
اذاً لا تصعيد بين جماعات إيران وإسرائيل، وقد اتفقوا جميعهم على الانتقال الى مرحلة جديدة قائمة على إرساء تهدئة ووقف إطلاق نار في غزة، فقدّمت حماس العاروري ضحية في مقابل هذه التهدئة، وهنا فلنتذكر أن الإيراني لا تهمّه لا قضية فلسطين ولا مصلحة الدول العربية، وهي المايسترو المتحكّم برقاب ميليشياته لمصلحتها فتوزّع الأدوار بينها : إيران تطلب من الحوثيين تنفيذ عمليات قرصنة كي تفاوض طهران على ظهرهم، وفي العراق الميلشيات الإيرانية تقصف والحكومة العراقية تدين، وفي غزة تسبّح إيران حماس والجهاد الإسلامي وتفاوض على ظهرهما، وصولاً الى بيع مَن يكون ذات ثمن سياسي عال وثمين.
الغد لناظره قريب، فليطمئن الجميع أن كل الرعد والزبد والتهديدات والبيانات والتصريحات من إيران والميليشيات كحزب الله وحماس والجهاد والحوثي كله كلام فارغ من دون أي مفعول ملموس، لأن المايسترو الإيراني طمأن الأميركي حول ضبط الساحات في صفقات متبادَلة، فسحب الأميركي “جيرالد فورد ” لأن لا تصعيد إقليمياً ولا تفلتاً للأمور من عِقالها .