كتب ريكاردو الشدياق في LebTalks:
كان يُمكن لكاتب هذه السطور أن يتّصل مباشرةً بـ ويليام نون، شقيق الشهيد دجو نون، ليقول له ما يُريد قوله على الملأ، لكنّ نشره مع آلاف القرّاء، بينهم نواب ومحامين وناشطين، حريصين على قدسيّة العدالة في ملف انفجار مرفأ بيروت، قد يترك الأثر المطلوب.
أوّلاً، فإنّ ما حصل في الـ٧٢ ساعة الماضية ليس “انتصاراً” ولا حدثاً يستحقّ “الإحتفال” به، كما سمعنا، بل أنّ إعلان الإنتصار يُفترَض أن يكون صدور الحكم اقضائي، إن اللبناني أو الدوليّ، وليس في لحظة غضبٍ شعبيّ. لذا، فإنّ التدقيق في استخدام العبارات اللازمة أصبح ضرورياً جدّاً بإسم ملفّ بهذا الحجم.
ويليام اليوم شابٌّ خارج إطار المحاسبة، فهو صاحب حقّ، ولو حاول الممتعضون من أدائه الهجوميّ وضعه تحت المجهر. يبقى ما يفعله هذا الشابّ، وأهالي شهداء وضحايا الإنفجار، أقلّ من طبيعي في ظلّ محاولات فاجرة للإلتفاف على التحقيف بمختلف الوسائل الأمنية – القضائية وتغطية وزيرَين مطلوبَين إلى “العدليّة” وتكبيل عمل القاضي طارق البيطار ورفض تسليم المعطات المطلوبة من القضاء الفرنسي.
ولكن…
يفرض ما حصل في الأيّام الثلاثة الماضية على أهالي الشهداء، وفي مقدّمتهم ويليام الناطق بإسمهم، أن يضعوا النواب، المُسمّين “سياديين” و”تغييريين”، وأوّلهم مَن أمضى ليلته في مركز أمن الدولة في الرملة البيضاء، أمام مسؤوليّتهم الجدّيّة.
المعركة ليست معركة شارع، ولا “مشكل” أمام مركز أمني، ولا استعراضات إعلامية لنواب ومحامين أيّاً كانت أسماؤهم. مُهمّة ودور النائب إيجاد الصيغة المناسبة تحت سقف مجلس النواب. هذه الصيغة المنتظَرة لم تُطرَح حتى اليوم، والنواب أنفسهم الذين خاضوا معركة إخلاء سبيل ويليام، لم يصلوا إلى نتيجة حتى اليوم.
باستطاعة هؤلاء توقيع عريضة نيابية جامعة تضمّ أوسع شريحة ممكنة من النواب ورفعها إلى الأمم المتحدة لتدويل التحقيق، وباستطاعتهم أيضاً رفع سقف المفاوضات على رئاسة الجمهورية وتضمينها المحاسبة في ملف إنفجار المرفأ، وباستطاعتهم استيلاد ألف مخرج ومخرج تحت سقف المجلس.
أمام ويليام فرصة، قد تتلاشى وتسقط إن لم يتمّ تشكيل فريق عمل واضح، حقوقي – إعلامي – شعبي، يضع حدّاً للعشوائيّة في الظهور أمام الرأي العام وتوحيد المعايير في أسرع وقت ممكن، كي لا ينحصر التوجّه بمرجع قانونيّ واحد وكي لا تُختزَل الجهود في مكان واحد. فريقٌ يضع حدّاً لـ”بعض” الإعلام المُوجّه كي لا يجرّ الأهالي إلى مواقف يرفضونها، إن كانت صادرة عن إعلامي أو محامٍ أو ناشط أو أيّ كان. فريقٌ يحدّد توقيتاً مناسباً لتحرّكات الشارع التي أصبحت “بدلاً عن ضائع”.
أمام ويليام فرصة لإنقاذ ملف انفجار المرفأ وتحريره من الإستغلال والعراضات التي يعمد إليها البعض لأهداف وصوليّة ومعروفة، كلٌّ بحسب إسمه… أمام ويليام فرصة للحفاظ على الثقة المكتسَبة شعبياً، وهذه كلمات من قلمٍ يُقدّس العدالة في هذه القضيّة ولا يريد المتاجرة بها… كما يسعى البعض!