ازمة حزب الله مع المواطنة

5825553_1641196366 (2)

كتب الكاتب والمحلل السياسي جورج ابو صعب

يجمع علماء الاجتماع السياسي على اعتبار ان المواطنة تشمل مفهوم الانتماء اي انتساب الفرد لكيان معين يكون مندمجا من خلاله شاعرا بالامان في ارضه محبا له ومعتزا بهويته فخورا بالانتساب له وفي الوقت نفسه منشغلا بقضاياه وعلى ادراك بمشكلاته وملتزما بقوانينه وقيمه ومراعيا الصالح العام ومحافظا على مصالحه وثرواته وغير متخل في اوقات الازمات والمحن .باسقاط هذا المفهوم العلمي للمواطنة على ظاهرة حزب الله وسلوكه نجد انه يشكل نموذجا نقيضا تماما لمفهوم المواطنة بالمعايير المحددة لها بحسب العلامة ديريك هتير في مؤلفه ( تاريخ موجز للمواطنية) .فمن جهة لدى الحزب اشكالية كبيرة مع مفهوم الانتماء : فهو مكون من لبنانيين لكن فكره وسياسته واجندته تتجاوز الانتماء للبنان الى ابعد منه لا بل لا يتركز انتماؤه على لبنان بل على ايران الجمهورية الاسلامية وذلك بصريح المواقف والتصاريح لكبار قادته فكرا وعقيدة وسياسة وماليا ولوجستيا وتسلحا وبالتالي ينتفي عند الحزب الانتماء للبنان . فانتسابه لايران واندماجه بنظام ولاية الفقيه يجعل من نظرته الى لبنان نظرة محطة او ساحة من اجل النظام الايراني وفي سبيله ترخص التضحيات حتى بالوطن الام .

من جهة اخرى حزب الله لا يشعر بالامان في ارضه وليس محبا له ومعتزا بهويته بدليل مصدر نشأة واستمرارية كينونته والذي هو نظام طهران وبدليل رفضه كل صيغ الاستراتيجية الدفاعية على طاولات الحوار المتعاقبة منذ ٢٠٠٦ وتمسكه بالسلاح كي يستطع بفائض قوته تأمين امانه وتفوقه واستمرارية وجوده .كذلك حزب الله ليس منشغلا بقضايا الوطن بل ذراع لمخططات ايران في المنطقة ودموع النائب محمد رعد الاخيرة بلحظة اشارته الى دعم الحزب للحوثيين في اليمن وتدخله لمؤازرته خير دليل جديد . فالحزب الذي ينشغل في سوريا واليمن والعراق ليس حزبا منشغلا حصريا بقضايا لبنان لان بكل بساطة لبنان تفصيل لا يتعدى الساحة واي اهتمام منه بالشؤون الوطنية يأتي في سياق اما فرض معادلاته واجنداته على الدولة واللبنانيين واما خدمة الاولويات الايرانية في المنطقة من البوابة اللبنانية واخر النماذج تسهيل تشكيل حكومة الرئيس ميقاتي الحالية في لحظة تنازلات ايرانية في فيينا وعودة مجلس الوزراء للانعقاد بعد ٣ اشهر انقطاع نتيجة مساومات في فيينا ارادت طهران حلحلة بعض الاوراق في المنطقة ومنها لبنان .

والقيم اشكالية اخرى من اشكاليات المواطنة واندماج حزب الله في قيم المجتمع اللبناني المنفتح ثقافيا واجتماعيا بالعادات والتقاليد واخر تجلياته تناقضه مع ظاهرة فرض اقفال اماكن ترفيه او مشروبات او منتجعات ان لم يكن عنوة بالتفجير او التكسير فبالقتل وصولا الى ادخال ثقافة الاغتيالات لتصفية الخصوم منذ الشهيد رفيق الحريزي وقافلة الشهداء السياديين الى لقمان سليم واعتماد ادبيات سياسية مناقضة لثوابت لبنان التاريخية والقيم والمبادىء التي قام عليها لبنان والمجتمع السياسي اللبناني واللائحة تطول . من هذا المنطلق وكما يقول عالم الاجتماع فيليب برو Philippe Braud في مؤلفه ( علم الاجتماع السياسي ) عندما لا يطبق نظام قانوني واحد للدولة على كامل الشعب فان في ذلك مؤشر على سقوط المواطنة على حساب الدولة لوجود شواذ على مفاهيم تلك المواطنة .وحزب الله هو ذاك الشواذ .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: