كتب د. رودريك نوفل
هل ما حصل في الأشرفية هو وليد الصدفة أم جسّ نبض لإختبار جهوزية الشارع أم ردّ مقصود على وزير الداخلية الذي أضاء شجرة الميلاد في ساحة ساسين بعضة أيام قبل ذلك الهجوم الهمجي أم طيش بعض الصبية أم سببه إستفزاز جريدة صفراء لتدبير أهلي يهدف للحدّ من السرقات أم أي إحتمال آخر؟
فمهما كان السبب ومهما كانت ظروف تلك الغزوة فالنتيجة هزّت البلاد من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها والإستنكارات لم ولن تكفي.
فوجودي المصادف في المنطقة كافٍ ليجعلني أستنتج حجم الشحن الطائفي الذي تبثه أطراف النزاع في لبنان لتخريب السلم الأهلي و مَن المستفيد؟
مَن المستفيد من إرسال مجموعة قوامها متنوّع بين لبنانيين و فلسطينيين و سوريين إلى منطقة مسالمة بهدف تخريب إحتفال ميلادي سنوي يحصل في نفس الزمان و المكان؟
مَن الذي يريد أن يهزّ الرسالة التي أرساها قبل بضعة أيّام بسّام مولوي حين أتى بصفته الرسمية كوزير داخلية سنّي طرابلسي ليضيء شجرة الميلاد في ساحة ساسين و عكسَ أبهى و أجمل صورة عن العيش المشترك والوحدة الوطنية الداخلية التي نفتقدها لسوء الحظ عند مواجهة الإحتلال الإيراني لنقص شجاعة البعض أو لغاية في نفس يعقوب عند البعض الآخر يتم صرفها ببعض المناصب و التعيينات و الكراسي. فهو إحتلال قائم وقد إمتدّ و تمدّد و صارت له فروع ومنها سرايا المقاومة التي كما وصفها اللواء أشرف ريفي بعد غزوة الأشرفية ب "سرايا الفتنة" رداً على الصحافة الفتنوية الصفراء التي إستنكرت تدبير أهلي مناطقي بسيط يهدف للحدّ من السرقات في المنطقة ليلاً قوامه مصباح كهربائي و شاب متطوّع مع هاتفه يحرس بقعة صغيرة في كلّ حَي سكني وتوصيفهم بالأمن الذاتي لتضليل الحقائق و تزوير الوقائع، فتحديد وتهديد الأمن الأهلي و القومي هو القيام بما قام به حزب الإحتلال الإيراني و الخروج من تحت مظلة أمن الدولة اللبنانية و إنشاء أمن الدويلة المؤلف من ميليشيات مدفوعة و مموّلة من الخارج و تحديد مناطق الدويلة و حدودها بميليشيا تهابها و تتفاداها الأجهزة الأمنية لخشيتها المواجهة أو لتواطئها.
المواجهة قد لا تكون دائماً عنيفة و مسلّحة، فقوامها هو الوحدة الداخلية التي تجمع لبنانيين من كلّ الأطياف و من كلّ المناطق تحت عنوان سيادي واحد، ألا و هو "رفع الإحتلال الإيراني عن لبنان"، فكل العناوين الأُخرى باطلة و ثانوية حيث الإحتلال يحمي الفساد و يدمّر الإقتصاد و بالتالي الودائع، وهو يدمّر السياحة وقد أنهى دور لبنان الرائد الذي كنّا نتغنّى فيه بوصفه مستشفى الشرق و جامعة الشرق و مصيَف العرب.
هذه المقاومة التي يجب أن تبدأ من نوّاب بيروت الحاليين و السابقين بدائرَتَيها و نوّاب المناطق البعيدة الذين يقطن معظمهم بيروت و خاصةً في الشتاء و دعوتهم لبعضهم المشاركة بمسيرة في تلك الساحة و سوق تلك القرية الميلادية التي جرى التعدّي عليها من الدرّاجين الخارجين عن القانون و الأخلاق و المنطق و إرساء رسائل تشديد على لحمة اللبنانيين و دفع الجيش و القوى الأمنية للتوسّع بواجباتهم الأمنية التي لو لا التقصير لما مرّت ٨٠ درّاجة و جالت في طرقات بيروت من دون حسيب و لا رقيب، ولولا رأفة الله عزّ و جلّ لكان حصل الأسوأ وأُريقت الدماء.
ليكن هذا اللقاء مدخلاً للتلاقي في العاصمة و الأهم ليكن نابعاً من النواب ذاتهم أو من دعوتنا عبر هذا المنبر الحرّ الذي لطالما كان منبراً وطنياً رائداً.