الاستحقاق الرئاسي بين مطرقة القمة العربية وسندان حزب الله

بعبدا


كتب سلمان عبد الخالق


بعد انعقاد القمة العربية التي طال انتظارُها لبنانياً، وجعلت المنجّمين من الفرقاء كافة يتوهمون ما يرونه مناسباً لمآربهم الصغيرة، سواء الحزبية أو الشخصية وما بينهما، ومن دون خجل ولا وجل مما يخطئون فيه، حتى الرأي العام اللبناني لم يستعمل حتى ذاكرته القريبة(جعجع بالتمثيل السوري، ونصر الله بالتقارب السعودي- الإيراني)، إما مُخدَر نتيجة الأزمة الخانقة والضغط النفسي المتمثّل بالانهيار غير المسبوق أو بالانتماء الأعمى الذي يُربى عليه اللبناني منذ أكثر من 40 عاماً، بحيث أن الجديد في إعلان جدّة أن هناك دولاً عربية تبدو متقدّمة وأخرى متخلّفة، وهذا ما تظهّر جلياً في مجريات القمة واستقبالاتها.
هذا الأمر يذكّرنا بما نراه في اجتماعات الدول السبع أو العشرين وإنعكاسها على دول المنطقة،
فالبند الخامس من الإعلان يذكّرنا بوجود لبنان عبر دعوة أفرقائه إلى تحمّل المسؤولية والاتفاق على انتخاب رئيس وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، والاتفاق في ما بينهم وتخفيف وطأة الأزمة على شعبهم، حيث يُفهم مدى قصور الطبقة الحاكمة في لبنان ومدى تخلّفها بعد مضي أكتر من ثلاثة وثلاثين عاماً على توقف الحرب الأهلية ( موالاة ومعارضة ) وانكشافها ليس فقط أمام الداخل اللبناني، بل تعرّيها أمام المجتمعَين العربي والدولي، بدليل أنهم لم يأتوا على ذكر اتفاق الطائف بإعلانهم ما يوحي بابتعادهم بالكامل عن التفاصيل اللبنانية، وتعبهم من هذا الملف الذي لم يعد لديهم حتى الرغبة في مقاربته، مما جعل مطرقة القمة بعيدة كلياً حتى عن ضربنا بعدم رؤيتنا أصلاً ، ولم يرُ حتماً سندان الاستعراض البهلواني جنوباً، ولم يتم التطرُق إليه إلا بالسوشيال ميديا المحلية، وهذا إن دل على شيء فعلى سقوط نظرية "مالئي الدنيا وشاغلي الناس"، فلم تعد الطبقة السياسية ومكوناتها بفسادها جميعها تعني شيئاً للمجتمعَين العربي والدولي وأصبحت فارغة من مضمونها.
هذا الأمر يدفعنا داخلياً للضغط على مكوّنات هذه السلطة فعلاً بالرحيل سلمياً قبل اضمحلال البلد الذي يترنّح على أياديهم منذ أربع سنوات، ولا ندري على ماذا يراهنون بعد رؤية البؤس والفقر يلفان أولاً محازبيهم وكل أبناء وطنهم، ويطلون بطروحاتهم البالية بمرشح رئاسي من الممانعة ( فرنجية - بينكي) التي لم تعد تُصلح حتى للمقاومة، وبالمقابل مرشح آخر من المعارضة (أو المعارضات معوض - براين)، وهما أصلاً وجهان لعملة واحدة .
سقطتم كما سقطت مراهناتكم وحان الوقت للرحيل بهدوء كي نبني وطناً لأبنائكم ولأبنائنا، لم تتحملوا المسؤولية بسقوط البلد فتحمّلوها بالرحيل عنه.
المسؤولية والإنسانية والوطنية تستوجبان وقفة ضمير لاختيار رئيس لبناني يكون رمزاً للبنان قادراً على قيادة سفينة البلد ( وهُم كُثُر) ، ويكون نظيفاً شفافاً منطلقاً من المصلحة الوطنية العليا بعيداً عن الموالي والمعارض، ويعود بنا إلى شط الأمان. أما ما تبقى فيكون شعراً إذا بقيتم تمزقون البلد بشعاراتكم الواهية فيما نحن نتخبّط بعمق أزمتنا بفضلكم، فلا القضاء سيصلح بوجودكم ولا الإصلاحات ستسلك طريقها ولا المحسوبيات والزبائنية والهدر ستتوقف، ولا ولا ولا، للأسف وجوهكم وعتبتكم مُفقِرة لوطنٍ أراده الله أن يكون جميلاً فيما أنتم تكفرون بنا ببقائكم .
إتقوا الله ونرجوكم الرحيل والتصرّف بمسؤولية ولو لمرةٍ واحدة، فهل مَن يسمع؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: