الانتخابات الحزبية.. ديمقراطية في “الوقت الضائع”

WhatsApp-Image-2023-08-23-at-12.46.55-PM

تشكّل حالة الجمود السياسي في لبنان فرصة مهمة لتعزيز التنظيم الحزبي وآلياته. الجديد في هذه المسألة، إعلان حزب القوات اللبنانية عن ورشة عمل مهمة في هذا المجال، ومنها إجراء انتخابات حزبية داخلية “لتعزيز مشاركة القاعدة الحزبية بالقرار السياسي”.

لا تملك مجمل الأحزاب اللبنانية تجارب عظيمة في ميدان الديمقراطية الداخلية، ذلك لأن الأحداث السياسية والوطنية غالباً ما تكون مؤثرة وسريعة فتفرض إيقاعها على العمل والنضال الحزبي، فيتقدم النضال السياسي العام على الانتخابات الداخلية. فيما تقام معظم الانتخابات الحزبية في الوقت الضائع وفي حالات الجمهود السياسية كما هو الواقع اللبناني اليوم.

على عكس الرأي الشعبي المعَمم، هناك رأي يقول أن إجراء انتخابات داخلية يُضعف الأحزاب ولا يقويها في المجال السياسي والوطني، فيجعلها تهتم بذاتها وبمشاكلها الداخلية، فتخلق أجنحة ضمن الحزب ومراكز نفوذ واستقطاب، تخرج بعدها ضعيفة ومفككة ويسهل اختراقها. لنا في تجارب الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي نماذج مهمة في هذا الميدان، حيث تشكّل الانتخابات أزمات لها، فتخرج من كل واحدة ضعيفة، مفتتة ومنقسمة إلى عدة أجنحة وتيارات حزبية.

أما حزب الله مثلاً، فلا يعتمد الديمقراطية في داخله إنما نظام الشورى في بعض نواحٕ محدودة في العمل الحزبي، فيما الكلام عن ديمقراطية حقيقية داخل أحزاب كحركة أمل والمردة وغيرها فتبدو اقرب إلى رواية سمجة وخيالية.

في مقابل ذلك، ذهب حزب القوات اللبنانية إلى كسر الجمود السياسي والداخلي، وأعلن إجراء انتخابات في 29 تشرين الأول 2023، وذلك على موقع رئيس الحزب ونائبه، كما على 11 موقع في الهيئة التتفيذية.

تشكل هذه الخطوة، وخاصة تلك المرتبطة بانتخاب أعضاء الهيئة التنفيذية مباشرة من القاعدة الحزبية خطوة إلى الأمام في مجال الديمقراطية الحزبية، ذلك لأن الهيئة التنفيذية تملك صلاحيات كبيرة وتمثل قلب الحزب ونبضه، فيما تخرج معظم القرارات المهمة من داخلها.

سينتخب القواتيون 11 عضو في الهيئة التنفيذية، وهم يشكّلون عدداً مهماً من مجمل أعضاء الهيئة، وبالتالي تصبح القرارات التي تتخذها أكثر شرعية، ديمقراطية، تمثيلية ونابعة من الجمهور الحزبي.

في المقابل، تقتصر الانتخابات في التيار الوطني الحر على عدد محدود من أعضاء المكتب السياسي، فيما يبقى معظمهم معيّنون من رئيس التيار. أما الكتائب اللبنانية، فتمارس الانتخابات الداخلية غير المباشرة، حيث ينتخب حملة البطاقات الحزبية ممثليهم، ثم يقوم هؤلاء المنتخبون بالاقتراع لانتخاب رئيس الحزب.

لا شك أن البحث في الآليات الحزبية الداخلية في الأحزاب اللبنانية موضوع مثير وشائك في آن، إلا أن إقدام حزب كبير وواسع جداً كالقوات اللبنانية على إجراء انتخابات داخلية جدية، سيدفع بالأحزاب الأخرى في هذا الاتجاه. وهي تجربة يُنتظر أن تتبلور أكثر وتُمارس بشفافية مشهودة للحزب، وتحديث للوجوه الحزبية نحو انتخاب وجوه شبابية ديناميكية في داخل الهيئة التنفيذية وعملية صناعة القرار الداخلي.

تبقى الديمقراطية الحزبية ناقصة في حال غياب الديمقراطية العامة في الحياة السياسية والوطنية اللبنانية. غياب أدى إلى حالات فراغ في رئاسة الجمهورية وحكومة تصريف أعمال وبرلمان قليل العمل والنشاط.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: