الانتخابات النيابية المبكرةطرح عقيم لأزمة مستعصية

انتخابات_بلدية


لم تتلقف القوى السياسية المعارضة طرح اجراء الانتخابات النيابية المبكرة بواقعية. فالدعوة التي اطلقها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب من عين التينة لا تعدو كونها رسالة سياسية بهدف الضغط والتهديد بملف الاستحقاق الرئاسي، بحسب اوساط تلك القوى، التي ترى ان الحل لمشكلة انتخاب الرئيس يكمن في ابقاء الجلسات مفتوحة وعدم تعطيل نصاب الدورة الثانية بدلا من الذهاب الى حلول ملتوية طالما ان الحل الدستوري متوفر وقائم. في المقابل هناك رأي آخر يعتبر ان الانتخابات النيابية المبكرة قد تشكل حلّاً لانهاء حالة الاستعصاء العام في البلد وان اعرق الديمقراطيات تلجأ اليه عندما تمرّ بازمات سياسية لاعادة تركيب السلطة. ولكن هل هذا الحل قابل للتطبيق في هذه المرحلة؟
من الناحيتين الدستورية والسياسية، اعتاد لبنان منذ اتفاق الطائف، على تمديد ولاية مجلس النواب لا تقصيرها. وفي هذه الحالة يُقدَّم اقتراح قانون بتقصير ولاية المجلس، التي هي اربع سنوات، والتصويت عليه يحتاج إلى نصف زائداً واحداً لإقراره، أي 65 نائباً من أصل 128. ولكن هذا الامر قد يكون متعذراً سياسيّاً. امّا الاحتمال الثاني، فهو حلّ الحكومة البرلمان بطلب من رئيس الجمهورية وهذا الاحتمال غير قائم في الوقت الراهن. تبقى الاستقالة الجماعية للنواب، وهذا امر من الصعب ان يتحقق، وفي الدستور لا توجد اي إشارة إلى أن استقالة عدد من النواب يؤدي حكماً إلى الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة. وفي هذه الحالة قد تجري انتخابات فرعية.
ربطاً بذلك، فان اي انتخابات نيابية جديدة قد تحصل، على اساس القانون الحالي، قد لا تغيّر في موازين القوى داخل البرلمان وبالتالي لن يتمكن اي فريق من جمع 86 نائباً وهو العدد المطلوب لانتخاب رئيس من الدورة الأولى.
فضلا عن الصعوبات الدستورية والسياسية، قد لا تسمح الظروف الداخلية باجراء الانتخابات المبكرة، في زمن الانهيار الاقتصادي، ولا سيما ان المجلس الحالي لم يمض على انتخابه سوى عام وشهرين تقريباً، كما سبق للبرلمان ان مدّد للمجالس البلدية والاختيارية تحت حجة غياب التمويل.
في ضوء كل تلك المعطيات، فان الانتخابات النيابية المبكرة تعتبر طرحاً عقيماً للازمة الرئاسية المستعصية وتطيل امد الفراغ وتشكل مصدر الهاء عن المشكلة الاساسية في البلد الا وهي تعطيل الدستور. وانطلاقاً من ذلك، فان طرح بوصعب قد يكون مجرد بالون اختبار او هروب الى الامام بانتظار مبادرة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان وما ستحمله من نتائج.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: