التشريع النيابيّ مقلق

Parlement-2022-elections

لا يزال الحراك الانتخابي في لبنان خجولاً في ظل تصاعد وتيرة الاشتباك السياسي بين "الثنائي الشيعي" و"التيار الوطني الحر"، وبين الأكثرية النيابية حول اقتراع اللبنانيين المقيمين في دول الانتشار.

الخلاف على قانون الانتخاب كان وراء تعليق اجتماعات اللجنة النيابية الفرعية المكلفة بدراسة مشاريع القوانين الخاصة به، إضافة إلى المقترحات لتعديل القانون النافذ حالياً، وسط تصاعد الاشتباك حول اقتراع المغتربين، الذي يشكّل مادة خلافية لا يمكن حلها ما لم يتم التوصل إلى تسوية تعيد الحيوية إلى اللجنة وتعبّد الطريق أمام إقرارها في جلسة نيابية. وإلا، فإن التشريع سيبقى معلقاً حتى إشعار آخر.

ومع أن جميع الكتل النيابية تتسابق بدعوتها لإجراء الانتخابات في موعدها، فإن عدم التوافق على القانون من شأنه أن يهدد إنجازها بصفتها الممر الإلزامي لإعادة تكوين السلطة.

هذا في حال بقاء التصعيد الإسرائيلي تحت السيطرة بما يسمح بإتمام الاستحقاق الدستوري في موعده بلا أي تأخير. وهذا ما يصرّ عليه رئيس الجمهورية جوزيف عون، كما نقل عنه زواره، بدعوته القوى السياسية إلى عدم إضاعة الوقت والاستعداد لخوض الانتخابات، خصوصاً أن الأبواب ليست مقفلة أمام التوصل إلى تسوية تقضي باستبعاد تمثيل المغتربين وعدم السماح لهم بالاقتراع من مقر إقامتهم.

وفي هذا السياق، أكد مصدر بارز في "الثنائي" أنه متمسّك بعدم الموافقة على اقتراع المغتربين لـ128 نائباً، وقال: "نحن على استعداد للتوصل إلى تسوية شرط عدم شطب المادة 112 من القانون التي تسمح لهم بالاقتراع؛ لأن مجرد شطبها يعني، من وجهة نظرنا، أن تكافؤ الفرص يكاد يكون معدوماً، ويصب لمصلحة منافسينا، ويمنحهم حرية التحرك في دول الانتشار للترويج لمرشحيهم، بخلاف قدرتنا على التحرك في ظل إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب وفرض عقوبات أميركية على عدد من قيادييه؛ ما يدعونا إلى الحفاظ على مصالح جمهورنا في الاغتراب وعدم تعريضهم لأي شكل من أشكال الملاحقة".


ولفت المصدر إلى أن قرار الثنائي بعدم السماح للمغتربين بالاقتراع من مقر إقامتهم على أساس الاستغناء عن مادة المقاعد الستة للمغتربين، "نهائي ولا عودة عنه"، ومن يود الاقتراع يجب عليه الحضور إلى لبنان لممارسة حقه الديمقراطي في اختيار ممثليه في البرلمان العتيد.

أضاف: "نحن نخوض معركة وجود ولن نتراجع عن قرارنا؛ لأن منافسينا يخوضون معاركهم الانتخابية بالاستقواء بالخارج، ومعظمهم يراهنون على تقليص نفوذنا في البرلمان ويعدّون العدة لخرق لوائحنا بمرشحين من الطائفة الشيعية، مع أن الانتخابات ستحمل نتائج تؤدي للتجديد لشرعيتنا الشعبية".

ويعترف بأن اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة اضطرت إلى تعليق اجتماعاتها ريثما تنضج الظروف السياسية التي تسمح لها باستئناف مهمتها، والمتعلقة بدراسة مشاريع القوانين الانتخابية، بدلاً من التركيز على مناقشة المقترحات لتعديل القانون النافذ.

ويؤكد أنها لم تتوصل إلى حد أدنى من التوافق، وهي تنتظر تدخل الكبار، ومعظمهم من خارج البرلمان، للتوصل إلى قواسم مشتركة يوكل إقرارها إلى الهيئة العامة في المجلس النيابي.

ويضيف أن التوافق يؤدي حتماً إلى إخراج اجتماعات اللجنة الفرعية من المراوحة، ويعزّز الرهان بتصاعد الدخان الأبيض من قاعة الجلسات، وإلا فلا مبرر لعقد جلسة تشريعية لتكريس الانقسام حول قانون الانتخاب.
وهذا ما يتطلع إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رغم تأكيده في أكثر من مناسبة أن الانتخابات ستُجرى على أساس القانون النافذ، بما يسمح بالإبقاء على المادة 112 وصرف النظر عن تمثيل الاغتراب بـ6 مقاعد.

مراسيم تطبيقية
بدوره، يكشف مصدر سياسي أن توزيع المقاعد النيابية الخاصة بالمغتربين على القارات الست يتطلب إصدار مراسيم تطبيقية من قِبل البرلمان لتوزيعها مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، بدلاً من أن يُترك للحكومة توزيعها كونها ملحقة بالقانون. وهي بحاجة إلى تشريع يقرّه البرلمان، خصوصاً وأن آلية انتخابهم يكتنفها الغموض، ولم يُعرف ما إذا كانت ستُجرى على أساس القانون النسبي بلوائح مغلقة، أو الأكثرية بفوز المرشح الذي ينال أعلى عدد من أصوات الناخبين مع الحفاظ على التوزيع الطائفي.

ويشير المصدر إلى أن إصدار المراسيم التطبيقية لتوزيع المقاعد يستدعي عقد جلسة تشريعية، ما يفتح الباب أمام الأكثرية النيابية لإسقاط تمثيل الاغتراب لصالح شطب المادة 112 بما يسمح للمغتربين بالاقتراع من مقر إقامتهم، وهذا ما دفع بري إلى مطالبة الحكومة بإصدارها لتوزيع المقاعد الستة مناصفة، لتفادي فتح الباب أمام إصرار الأكثرية على شطبها من القانون.

ويجزم المصدر بأن الحكومة ليست في وارد إصدار المراسيم نيابة عن البرلمان، لئلا تُكرَّس سابقة تسمح للحكومات التالية بإعادة النظر بتوزيعها، ما دام التباين قائماً حول أي قانون ستُجرى الانتخابات على أساسه.

لذلك، سيبقى التشريع النيابي معلقاً ولن يرى النور ما لم يتم التوافق على القانون الذي ستُجرى الانتخابات على أساسه، بدلاً من إغراق اللجنة الفرعية في مناقشة اقتراحات قوانين جديدة لم يحن أوانها، والتي تهدف، على أقل تقدير، إلى تمرير الوقت لإفساح المجال أمام اتفاق الكبار على القانون، وترك إقراره للبرلمان بنسخة منقحة عن القانون النافذ.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: