بعد انقطاع دام حوالي السنتين من التواصل الاجتماعي الفعلي بين الناس حول العالم، والحجر الصحي الذي تسبّب بالعديد من المشاكل، وأهمها المشاكل النفسية خصوصا على الأولاد، ازدادت الظواهر التي تمثل هذه المشاكل، ومن أهمها ظاهرة التنمر داخل المدارس، وهذا ما بان في الٱونة الأخيرة بعد انتشار فيديو في إحدى المدارس المعروفة في لبنان، يظهر تنمّر وإستقواء عدد كبير من التلاميذ على زميل "ضعيف" بينهم، وهذا ما أحدث بلبلة حول ظاهرة التنمّر المتجددة في المدارس.
وللحديث عن تأثير التنمّر على الأطفال، والأسباب التي تدفعهم للتنمر على زملائهم، كان لموقع LebTalks اتصال مع المعالج الإيحائي ربيع الحوراني، الذي صنف التنمّر على انه "سلوك غير طبيعي" يؤثر بشكل كبير على التلاميذ في عمر صغير ، وبإمكانه أن ينمو معهم ليشكل إضطرابا ً أو يؤدي إلى أفعال إنتقامية وحتى إجرامية، إن لم تتم معالجتها في حينها بالسبل والطرق اللازمة والصحيحة، وأضاف الحوراني مستندا الى دراسة حديثة أجريت من قبل مجموعة من العلماء في النرويج، " بأن التنمّر قد يؤدي إلى زيادة المعاناة من العوارض النفسية الجسدية (آلام المعدة والصداع وآلام العضلات، والشكاوى الجسدية الأخرى من دون سبب طبي معروف)، وتدنيّ إحترام الذات والعزلة الاجتماعية، وتُعَد هذه العوارض قصيرة المدى"، و يعتبر أيضا بأنّ تعاطي المخدرات وزيادة الأفكار الانتحارية وخططها، ومحاولات الانتحار وصعوبة تكوين الثقة والصداقات والعلاقات المتبادلة، هي من العوارض الطويلة المدى للتنمر. أما على المقلب الٱخر فللتنمّر أسباب وعوامل، أدت به إلى إتباع هذا الأسلوب في التعامل ومن أهمها : التربية الخاطئة، العنف الأسري الذي يدفع بالطفل إلى إثبات شخصيته، من خلال الاسلوب الأسهل بالنسبة اليه، والألعاب الإلكترونية العنيفة التي انتشرت، مع الحجر المنزلي الذي أدى الى زيادة فقدان التواصل السليم مع المجتمع، إضافة الى كل ذلك ،فإن غياب الروادع والنظام في المدارس في ما يتعلق بالتنمّر، هي السبب الأول والرئيسي الذي يؤدي الى نمو هذه الظاهرة وانتشارها.
ومن الأمور الأساسية أيضاً برأي الحوراني، أنه لا بد أن تقوم المدرسة بإصدار قوانين تمنع التنمّر والإيذاء، الذي يصدر بشكل مباشر، سواء كان ذلك الإيذاء جسديًا أو نفسيًا، كما ويجب على المدرسة أن تكون بيئة آمنة ومستقرة للأطفال، بحيث لا يعانون فيها أبدًا من خوف أو قلق نتيجة ما يتعرضون له، وبالتالي فالمسؤولية تكمن أيضا على المعلم، الذي لا بد أن يكون القدوة الحسنة للأطفال ويساعد في توجيههم في ذلك الأمر وتقديم النصائح لهم، مع العمل على زيادة التعاون والحب المتبادل ما بين مختلف الطلاب، الامر الذي يخلق الثقة في ما بينهم ويكسر من حدة الألم النفسي، الذي يمكن أن يترتب على الطفل، جراء أي تعامل سيء من قبل زملائه، خاتماً بتمّن منه لوزارة التربية والتعليم العالي في لبنان:" بأن تحذو حذو الإمارات في البرنامج الذي أقامته خلال العام الدراسي ٢٠١٥-٢٠١٦ الذي شمل حوالي 130 معلماً وتربوياً في مدارس معينة، هدفه مكافحة التنمّر في إطار زيادة الوعي تجاه هذه الظاهرة والتعامل معها، ما أدى الى انخفاض نسبة التنمّر في المدارس بشكل ملحوظ، وإزدياد العلاقات الإيجابية بين الطلبة".
يُذكر أننا حاولنا الإتصال بوزارة التربية والتعليم العالي، للحديث عن الخطوات التي تعمل الوزارة عليها للحدّ من هذه الظاهرة، ووضعها أمام المسؤوليات المطلوبة منها، إلا أننا لم نلق رداً منهم ،على الرغم من إتصالنا بهم مرات عدة.