لا تؤشّر المواقف المعلنة منذ عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى بيروت إلى أن تيار “المستقبل” في وارد “التنازل” أو “التراجع” عن الثوابت المعلنة منذ تكليف الرئيس الحريري، وذلك، بصرف النظر عن القرار الواضح لدى الرئيس المكلّف، بإعطاء الفرصة الأخيرة لحلّ المعضلة المتمثّلة بتأليف الحكومة، المجال الكافي كما الجهد المطلوب للنجاح، على الرغم من كل العوائق المعلنة وغير المعلنة. وبرأي مصادر سياسية قريبة من “المستقبل”، فإن مسار المشاورات التي انطلقت، وبشكل جدي، في الساعات ال48 الماضية، لن يكون قصيراً كما يتوقّع البعض، وخصوصاً في ضوء ما يتردّد عن مواعيد ومهل زمنية مرسومة للرئيس الحريري ولا تتخطى الساعات المعدودة.
وترفض هذه المصادر، المحاولات الجارية من أجل إطلاق إشارات إيجابية من طرف واحد، وذلك في الإعلام فقط، لكي تأتي المؤشّرات السلبية من فريق الرئيس الحريري وتيار “المستقبل” فقط، مع العلم أن هذه الإيجابية، تُخفي تصلّباً وتمسّكاً بكل ما سبق وأُعلن حول العقدة المسيحية، والتي لا تزال قائمة في الواجهة.
وتكشف هذه المصادر أن الرئيس الحريري كان قد توافق مع الرئيس بري، على صيغة ال24 الحكومية، وأعلن نيته للتعاون المطلق مع مبادرة رئيس المجلس، من دون أية شروط، بل على العكس أظهر إيجابية باتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون، وإن كان ألمح إلى أن فريق الرئيس عون، سيزرع العراقيل في تفاصيل أخرى متعلّقة بعملية التأليف بعدما تمّ تذليل العقد الأخرى، تحت عنوان التمسّك بالثوابت الميثاقية، وبشكل خاص بالنسبة للقرار المتّخذ من “التيار الوطني الحر” بعدم منح الثقة لأية حكومة يشكّلها الرئيس الحريري، وذلك، بصرف النظر عن الظروف المحيطة بمجمل هذه العملية على كل المستويات السياسية والمالية والإجتماعية.
من هنا، فإن المصادر نفسها تتوقع، وبعد التصعيد الأخير وحرب البيانات بين فريقي التأليف، أن يرسم الرئيس الحريري في الأيام القليلة المقبلة المسار النهائي لمهمته، حيث أنه أكد للرئيس بري عدم وجود أية نية لديه للإعتذار، كما أنه أعلن عن انفتاحه على كل ما يُعرَض من خطوات، ولو أنه لم يهمل الإشارة إلى خشيته من أن لا يقوم الطرف الآخر، أي فريق رئيس الجمهورية، باحترام صلاحيات رئاسة الوزراء .