أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، الصلاة في مقر المجلس في طريق المطار، وألقى خطبة الجمعة التي قال فيها: "وقائع التاريخ الكبرى تتشابه وتتكرّر، وما نحن فيه واحدة من هذه الوقائع التي ابتلى الله فيها امتنا بعدوان من الغرب، استخدم فيها كل وسائل التضليل والخداع والفتن. ومن المؤسف انه استطاع بما امتلكه من وسائل اعلامية أن يقلب الحقائق ويشوّهها وأن يحوّل المعركة الى معارك داخلية انطلت على الكثيرين، ليُحقّق أهدافه الخبيثة، ليس بما امتلكه من قدرات عسكرية لم تكن يوماً العامل الحاسم في المعركة، وإنما بالتأثير في وعي الأمة واستخدام العامل المذهبي الى اداة للفتنة الداخلية، بدل ان تكون وحدة صلبة في مواجهة اطماعه ودفع خطره، وتحقق فيها قول الله تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ). لقد أخفقت الامة حكاما وحركات، والتي ارادت مواجهة الخطر، ليس في فهم اهداف العدو، وانما في تحديد الاولويات وايجاد استراتيجية مشتركة لمواجهة العدو المشترك كأولوية أولى، بدل ان تذهب الى المواجهات الداخلية في ما بينها، وأفسحت للغرب في النفوذ الى ساحتها والعبث فيها لإسقاطها من الداخل. ولذلك فإن المعركة التي تُخاض ضد المقاومة اليوم في لبنان والانقسام الداخلي اللبناني، ليست منفصلةً عن هذا الواقع، وليست سوى جزء من هذه الصورة المؤسفة للواقع العربي والإسلامي، وان التآمر على المقاومة وبيئتها في لبنان ليس إلا نتيجة للفهم الخاطئ لهذه المقاومة ولهذه البيئة التي عُمّم عليها هذا التصور من انها جزء من الصراع الداخلي الدائر بين بعض الحركات الأيديولوجية وبين الانظمة العربية والإسلامية".
ودعا الخطيب الى "مراجعة الحسابات واعادة ترتيب العلاقات بين المقاومة، وخصوصاً في لبنان، مع بعض الدول العربية الشقيقة بالحوار الصادق بما يضمن الوحدة الداخلية لكل بلد عربي، وفي نفس الوقت بما يحقق الاهداف المشتركة في دفع الاخطار الخارجية ويُحقّق مصالح الجميع، وعدم الاستمرار في سياسة الانتقام واستغلال الواقع الذي تعيشه الساحة نتيجة الصراع مع العدو، لأن هذا لن يكون الا لمصلحة العدو الواحد الذي لا يخفي أهدافه العدوانية وأطماعه في تحقيق مشروعه التوسعي على حساب الدول العربية الشقيقة، بما فيها المملكة العربية السعودية، وقد دعونا دائماً الى التعاون بينها وبين الدول الاسلامية الاقليمية في إيجاد استراتيجية لحماية المصالح العربية والاسلامية والوقوف، أمام خطر المشروع الصهيوني الداهم والذي يكرر الاعلان عنه رئيس وزراء هذا الكيان بكل صلافة، وكان أخر تصريح صريح له بهذا الصدد قبل يومين".
وقال: "لقد استمعنا بالامس الى رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يتحدث عن إسرائيل الكبرى بصريح اللسان، وهذا يعني بحسب الاوساط الصهيونية ضم أراضٍ جديدة من لبنان وسوريا والاردن ومصر الى الكيان الصهيوني، فضلاً عن الضفة الغربية التي يصرح المسؤولون الإسرائيليون بأن ذلك يحظى بدعم الادارة الاميركية. إنّ هذه النوايا الإسرائيلية واضحة تمام الوضوح وهي لم تعد مجرد شكوك تاريخية، وهذا يعني ان جنوب لبنان بات تحت دائرة الخطر إضافة الى الاراضي السورية والاردنية والمصرية والفلسطينية. كما يعني اننا لسنا وحدنا مهددون، بل كل الدول المحيطة بفلسطين. ولم نسمع حتى الآن اي موقف لبناني او عربي في وجه هذا المخطط، في حين يطالبنا البعض بنزع سلاح المقاومة وتجريدنا من كل عناصر القوة التي يمكن ان تواجه المخطط الصهيوني. نعم ايها اللبنانيون، جنوب لبنان تحت دائرة الضمّ الى الكيان الصهيوني، فماذا انتم فاعلون؟ وما هو الموقف العملي للسلطة اللبنانية غير نزع سلاح المقاومة؟ وما هو موقف المرجعيات الروحية، خاصة وان جنوب لبنان يحتضن كل الطوائف اللبنانية ولا يعني طائفة واحدة بعينها؟ إنّنا نعلن صراحة في ضوء هذا المخطط، اننا سنواجهه بكل ما أوتينا من قوة، ونطالب بموقف وطني جامع لمواجهة هذا المخطط. لم يعد ممكناً السكوت وتحييد الانفس في ظل هذا الواقع، فنندم جميعاً عندما لا ينفع الندم. كما ندعو القوى اللبنانية الى التنبه من اخطار الانقسام في الوقت الذي ما زال العدو يحتل ارضنا ويستمر في حربه العدوانية واعتداءاته المستمرة في الاغتيال والتدمير، مستفيداً من الانقسام الداخلي للوصول الى ما لم يتمكن منه بالآلة العسكرية، ان يتمكن منه بقرارات الحكومة اللبنانية بنزع أوراق القوة بالتفريط بالوحدة الداخلية وسلاح المقاومة وعدم وعي المخاطر التي ستؤدي اليها. ولهذا فإننا نؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة الموقف الوطني والحرص على منع الفتنة بين اللبنانيين، وتدارك الخطأ الذي حصل باتخاذ مجلس الوزراء قراراً بوضع جدول زمني لحصرية السلاح وعدم حشر الجيش اللبناني ووضعه في مواجهة المقاومة، مع قناعتنا بأن قيادة الجيش تمتلك من الوعي وتقدير الموقف والوطنية، ما يُمكّنها من أخذ الموقف الذي يُجنّب البلد ما يسعى اليه أعداء لبنان".
وختم الخطيب: "تحية للجمهورية الاسلامية التي تستحق الشكر لكل ما قدّمته للبنان وشعبه ولفلسطين والقضية العربية والاسلامية في مواجهة أعدائهم، وما قدّمته من تضحيات في هذا السبيل كان آخرها الحرب العدوانية الاخيرة والمباشرة سقط فيها قادة شهداء ولقّنت العدو درساً لن ينساه في قصف قلب كيانه وتدمير هائل لبناه العسكرية والاقتصادية البنيويه، فنحن أهل العرفان والشكر لليد التي امتدت لمساعدتنا في وقت الحاجة بالخير والعون، ولسنا من أهل النكران للمعروف أو الشكر للمعتدي والذي يحاصرنا ويُملي على بلدنا مطالب العدو ويهدّدنا بالحرب والعدوان ويهوّل علينا بالويل والثبور وعظائم الامور إن لم نعط يد الذلّة ونقول له هيهات منا الذلة. نحن اليوم في ذكرى أربعين الإمام الحسين نعيد باحتفالنا بهذه الذكرى التأكيد على هذا الشعار الذي اطلقه الامام الحسين، شعار هيهات منا الذلة الذي قدّم نفسه فكان سيد الشهداء ورسم بذلك مدرسة العزة والكرامة للأجيال خالدة ما دامت السماوات والأرض، ونعتذر لمبعوث السيد القائد الأمين العام لمجلس الأمن القومي للجمهورية الاسلامية من التعاطي السلبي والخطاب غير اللائق من بعض المسؤولين، وكان الأجدر بهم أن يقدّموا له الشكر على هذه الزيارة التي هي زيارة دعم للبنان في مواجهة الضغوط من بعض الدول التي تضغط على لبنان وتدفعه الى مواجهات أهلية داخلية. لقد راهنا على هذا العهد في بناء دولة حقيقية فلا تدعوا حفّاري القبور من إسقاطه. السلام عليك يا أبا عبدالله وعلى الارواح التي حلّت بفنائك، وأعظم الله أجوركم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".