"الرابطة المارونية"... غيبوبة مستدامة

LOGO-ML-

هذا الصباح، يرأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في بكركي قداساً في ذكرى مرور سبعين عاماً على تأسيس الرابطة المارونية. رابطة شيخوختها تتخطى السبعين. رابطة هرمة، مترهّلة وفي غيبوبة مستدامة منذ تسعينيات القرن الماضي بعدما فقدت بالممارسة علّة وجودها كجسم ماروني نخبوي يشكل ذراع الكنيسة العلماني ويكافح في سبيل الحفاظ على خصوصية الجماعة المارونية وهوية لبنان التعديدة وكيان الحرية وسيادة الوطن الذي كانت بكركي عرّابة وجوده مع البطريرك الياس الحويك حين أبصر النور عام 1920.

فبعد رئيسها التاريخي الراحل شاكر أبو سليمان الذي قادها في خضّم عواصف حرب 1975 حيث كان حضورها وازناً في الجبهة اللبنانية وعملت كحائط صد لكل غريب إستباح سيادة الوطن وكجسر تلاقٍ بين الأطراف المسيحية خصوصاً في الحوادث والحروب الأخوية الدموية، ومع دخول لبنان حقبة الوصاية السورية مع إنتهاء الحرب عام 1990، دخلت الرابطة في غيبوبة مستدامة وتحوّلت في معظم مراحلها رابطة علاقات عامة أو أداة لتبرير خنوع الطبقة السياسية يومها للمحتل تحت ذريعة الدفاع عن مقام رئاسة الجمهورية والولاء الدائم لكل من تربّع على كرسي بعبدا. فلم تكن على مستوى الناضل السيادي الذي قاده بطريرك الإستقلال الثاني مار نصرالله بطرس صفير، والامر لم يتغيّر في مرحلة ما بعد العام 2005.

اليوم، وبعد مفصل "حراك 17 تشرين" 2019 والانهيار غير المسبوق مالياً وإقتصادياً وإجتماعياً وتربوياً وزلزال "الأمونيوم" الذي دمّر بيروت، لم تستفق الرابطة من سباتها العميق وغيبوبتها المستدامة، فحركيتها لا ترقى لمستوى المرحلة ولا لما يُعوّل عليها كرابطة لجماعة مجبولة بالناضل في سبيل حرية معتقدها وعيش إيمانها، وكوريثة لـ1400 عام من المقاومة المجتمعية والمسيرة الإيمانية والثقافية والفكرية.

الرابطة المارونية تكاد تكون حكراً على طبقية مجتمعية ومحفل علاقات عامة والانتساب اليها ليس بالأمر الشفاف، فمن ينظر الى معدّل الأعمار المرتفع جداً فيها يكّون صورة عن كل ذلك. نشاطها لقاءات وبيانات ولا مبادرات ووضع إستراتيجيات. على سبيل المثال، العرس الجماعي الذي نظمته في بكركي الصيف الماضي، وللسنة الثالثة عشرة على التوالي، إقتصر فقط على 9 أزواج لا غير. موقعها الإلكتروني بدوره في موت سريري وهو خارج الخدمة. كذلك في خضم الفراغ الذي يتربّع على كرسي رئاسة الجمهورية المنصب الماروني الأول، لم تبادر أقله الى دعوة النواب الموارنة الذين تم انتخابهم منذ 6 أشهر الى أي لقاء، ومن الفترض أن يكونوا أعضاء حكميين فيها.

أمام هذا الواقع المرير وهذه المرحلة المفصلية في تاريخ لبنان، وفي مرحلة نحن أحوج ما نكون الى رابطة مفعمة بالنبض الماروني الحق وبإرادة الأجداد التي طوّعت الصخر وزرعت الجبال والوديان حياةً وصلاةً ونضالاً، أصبح من الملحّ ضخّ دم جديد في عضوية الرابطة، وإعلان ورشة تنظيمية وثورة في إجتماعية وفكرية لخدمة الجماعة التي ترزح تحت عبء الانهيار الذي يعصف في البلاد، وكذلك إعادة إحياء البعد الفكري الوجداني فيستمد الموارنة من تاريخهم العزيمة لصناعة مستقبلهم ويستعيدوا دورهم كرافعة لمسيحيي هذا الشرق.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: