الراعي في الجنوب: نحن شعب رأى مجد الربّ عبر التاريخ

batrak

زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القرى الحدودية، حيث جال على بلدات رميش وعين ابل والقوزح ودبل، يرافقه السفير البابوي في لبنان باولو بورجيا.

كانت محطته الاولى في بلدة دبل ثم انتقل إلى بلدة القوزح وبعدها إلى بلدة عين ابل حيث التقى عدداً من الاهالي واستمع إلى معاناتهم.

انتقل بعدها إلى بلدة رميش، وكان في استقباله ممثل رئيس الجمهورية جوزاف عون النائب ميشال موسى، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات الدينية، وبحضور النائب اشرف بيضون والفاعليات السياسية والبلدية والاجتماعية، حيث أقيم له استقبال حاشد في ساحة كنيسة التجلي من قبل الاهالي الذين نثروا الارز والورود.

ورحّب رئيس بلدية رميش حنا العميل بزيارة البطريرك الراعي إلى البلدة متفقداً أحوالها وأحوال القرى التي زارها.

من ثمّ، أقيم قداس احتفالي في كنيسة التجلي ترأسه الراعي وعاونه عبد الله ونصار والأب العميل بحضور حشد من اهالي البلدة والجوار، وبعد القداس الإلهي القى الراعي عظة التجلي قال فيها: "تجلّى أمامهم، وصارت ثيابه بيضاء كالثلج (مر 9: 3). نحتفل اليوم بعيد التجلّي حيث طبيعة المسيح الإلهيّة تتجلّى بملئ مجدها أمام ثلاثة من تلاميذه: بطرس ويعقوب ويوحنّا. وظهر معه موسى وإيليّا، للدلالة على أنّ العهد القديم بكامله يشهد له، وهو الذي أتى ليتمّ الشريعة والأنبياء. فموسى رمز الشريعة، وإيليّا رمز الأنبياء".

أضاف: "يسعدني أن أحيّيكم جميعًا، مع سيادة السفير البابويّ، والأب ميشال عبّود رئيس كاريتاس لبنان، أنتم الآتين من بلدة رميش وسواها من بلدات المنطقة، للإحتفال معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، ولتقديمها ذبيحة شكر على عناية الله، ملتمسين الراحة الأبديّة لضحايا الحرب الأخيرة، وشفاء الجرحى والمعوّقين، وذبيحة التماس السلام الدائم والعادل، وإعادة إعمار المنطقة."

وتابع: "ويؤلمنا جداً سقوط ستة عسكريين في منطقة زيقيين صور امس اثناء القيام بواجبهم. فإنّا نصلي لراحة نفوسهم وشفاء الجرحى. ونقدم التعازي لعائلاتهم ولقيادة الجيش اللبناني. كما يؤلمنا ان تكون رميش في حزن على فقدان ابنتها المرحومة رندا العلم التي قضت في حادث سير مؤلم وهي زوجة السيد بديع الحاج وأم لاربع بنات. وقد عُرفت بمحبتها لرميش وبدعمها للمحتاجين وبصفاتها الحميدة وأخلاقيتها. اننا نصلي لراحة نفسها ولعزاء اسرتها ولوالديها وكل ابناء رميش".

واردف الراعي: "ليس التجلّي حدثًا عابرًا من الماضي، بل هو إعلان يوميّ لمجد ألوهيّة المسيح، ولوجهه الإلهيّ المخفيّ في جسده البشريّ. لقد تجلّى في مجده، كما سيتجلّى في مجده الأبديّ. يعلّمنا عيد التجلّي أنّ الألم يقود إلى المجد، وأنّ من يسير مع الربّ يسير في نور لا يغيب. وقد أظهر الربّ لتلاميذه المجد الذي ينتظرهم بعد الألم، لكي لا يفقدوا الرجاء."

كما لفت في كلمته: "في تقليد الكنيسة، عيد التجلّي هو عيد النور، عيد المجد الإلهيّ الذي سطع في جسد المسيح. في الليتورجيا نعيّد ونعيش سرّ الخلاص، والتجلّي هو من صميم هذا السرّ. ففي كلّ قدّاس نتسلّق الجبل مع المسيح، ونتأمّل مجده في وجه القربان، ونتذوّق لمحة من النور الآتي. ليست الليتورجيا مجرّد ذكرى، بل هي لقاء حيّ مع الربّ الممجّد. سرّها أقوى من أيّ نور. وكلّ من يتناول القربان، إنّما يدخل في شعاع التجلّي الإلهيّ، ويتحوّل تدريجيًّا إلى إنسان جديد، ممتلئ من نعمة الربّ".

وفي سياق متّصل، قال: "من هذا المكان، نرفع النظر إلى وجه لبنان الحقيقي، وجه الرسالة، وجه النور الذي يضيء للعالم من الشرق. نعم، نحن شعب رأى مجد الربّ عبر التاريخ، في قدّيسيه، في شهدائه، في صلابته، وفي إيمانه الذي لا ولن يموت. لبنان هذا الوطن المبارك، لا يحتاج إلى إصلاح إداريّ فقط، بل إلى تجلٍّ روحيّ-وطنيّ، إلى صعود إلى الجبل، إلى لحظة صدق ومواجهة مع الذات. من هذا المكان نرفع أنظارنا إلى الله، وقلوبنا إلى الوطن. فإنّ عيد التجلّي يدعونا أن ننظر إلى لبنان، كما يراه الله: وطنًا ذا دعوة وحضور ورسالة".

كذلك، أشار: "نحن نؤمن أنّ الوطن ليس ترابًا فقط، بل هو كيان ورسالة. وهذا ما يحمّل المسؤولين في الدولة جميعًا، مسؤوليّة مقدّسة في أن يجعلوا من خدمتهم تكريسًا لخير الشعب، وسبيلًا لتجلّي الحقيقة والعدالة والشفافيّة. وأن يكونوا خدّامًا للصالح العام، وبناةً لوطن يرجع إليه بهاؤه ومجده".

وختم: "فلنصلِّ، ضارعين إلى الربّ يسوع، الممجّد على جبل طابور، أن يجعل من حياتنا إشعاعًا دائمًا لنوره، ومن وطننا أرضًا تتجلّى فيها كرامة الإنسان وقدسية الحياة. نصلّي من أجل عائلاتنا لتبقى مراكز للنور والإيمان والرجاء. نصلّي من أجل شبابنا في وسط الظلمة لا يضيّعوا البوصلة، بل يتبعوا وجه المسيح. نصلّي من أجل إحلال السلام في غزّة، ووضع حدّ لتجويع المدنيّين أطفالًا وكبارًا. فالموت جوعًا وصمة عار في جبين هذا العصر. فللمسيح الإله ولأبيه وروحه القدس كلّ مجد وشكر الآن وإلى الأبد، آمين".

بعد ذلك، انتقل الراعي إلى تناول طعام الغداء أقيم على شرفه، تزامن معه قصف اسرائيلي على حرش يارون مع تحليق للطيران المسير الإسرائيلي في الاجواء، ليتابع زيارته لبلدة علما الشعب في قضاء صور.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: