السلاح والإصلاح: متلازمان عند المجتمع العربي والدولي

u

كتب ألان سركيس في صحيفة "نداء الوطن":

دخل لبنان مرحلة جديدة من تاريخه بعد جلستي 5 و7 آب. ما كان مكتوبًا منذ جمهورية "الطائف" حتى اليوم شطب بقرارات حكومية جريئة تتخذ للمرة الأولى. وتفاعل هذا القرار في الداخل، ولقي ترحيبًا واسعًا من عواصم القرار.

لن يستطيع هدير "الموتوسيكلات" التي بأغلبيتها مسروقة، أن يسرق فرحة الشعب اللبناني بعودة دولته. ولن تؤثّر تهديدات الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم لأركان الحكم. لقد شكّل قرار حصر السلاح غير الشرعي بارقة أمل للبنانيين بأن هناك دولة عائدة وتستطيع ممارسة سلطتها، بعدما تحكّمت "الدويلة" بكل شيء.

وإذا كان الداخل متفائلًا بما حصل، إلا أن الخارج يراقب اتجاه الأمور، وينتظر إقرار الحكومة اللبنانية خطة الجيش عندما يقدّمها، ليبدأ العمل الجدّي على الأرض.

وتشير المعلومات إلى أن هذا الأمر يحظى باهتمام عربي ودولي لافت، إذ لا تكتفي الدول بإقرار حصرية السلاح والورقة الأميركية، بل تريد خطوات عملية على الأرض لإنهاء حالة السلاح المتفلّت والذي كان يهدّد أمن لبنان والمنطقة.

ولا تقف الولايات المتحدة الأميركية لوحدها موقف المتشدّد، الدول الخليجية بدورها تريد تحرير لبنان من قبضة إيران و"حزب الله"، الذي يعتبر  أكثر من أساء إلى دول الخليج وهاجمها بالسياسة وهدّد أمنها ودعم شبكات لزعزعة الأمن، والأهم من هذا كله إغراق الخليج بالكبتاغون والمخدرات، مما أثار أزمة اجتماعية بالغة حاولت الدول الخليجية معالجتها.

لم تكتف دول الخليج وبقية الدول العربية بالترحيب بقرار الحكومة الأخير المتعلق بحصرية السلاح، بل أبدت استعدادها للمساعدة في مجالات عدة من أجل عودة الدولة إلى سابق عهدها، والعتب الخليجي على لبنان هو على قدر المحبة، فهذه الدول تريد عودة لبنان إلى موقعه السياسي الطبيعي في عمق الدول العربية، بعدما أخرجه الاحتلال الإيراني طيلة سنوات من حضنه العربي  وأخذه إلى مكان ليس بمكانه الطبيعي.

يشكّل قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة بداية مشجعة، فرئيس الجمهورية جوزاف عون أو أي مسؤول لبناني آخر كان يسمع الكلام نفسه عندما يزور أي بلد عربي وخليجي وهو أن لا مساعدات إذا لم تستعد الدولة سيادتها وتعمل على حصر السلاح بيدها.

ولا تتوقف المساعدات على إعادة الإعمار فقط، فأي مساعدة عربية مرتبطة بعودة الدولة اللبنانية إلى ممارسة دورها. ولا يتوقّف الأمر على حصر السلاح، بل تطالب الدول العربية والغربية الحكومة اللبنانية بالقيام بإصلاحات جذرية ومحاربة الفساد ووضع خطط للتعافي الاقتصادي وتطبيق القوانين، فمن دون هذا الأمر لن يكون هناك مساعدات للبنان.

إذًا تربط الدول الخليجية أيضًا منح المساعدات بتسليم السلاح والإصلاح، فإذا كان حصر السلاح مطلب خليجي لأنه هدّد أمن هذه البلدان واستقرارها، إلا أن مطلب الإصلاح هو أساسي أيضًا ويوازي مطلب تسليم السلاح.

وينبع الحرص على الإصلاح من عوامل عدّة أبرزها أن لبنان حُكم منذ عام 1990 بالتواطؤ بين مافيا السلاح والمال والفساد، وشكّل الفساد أحد أهم العوامل التي استفاد منها "حزب الله" من أجل تمويل بنيته العسكرية والتنظيمية وأيضًا من أجل رشوة القوى السياسية والسير بخطته وخطّه وتغطية سلاحه ومنحه الغطاء الذي يحتاجه، فمن دون محاربة الفساد، لا يمكن وضع حدّ لأنشطة "حزب الله" خصوصًا أن عددًا كبيرًا من أزلامه ما زال قابعًا داخل أروقة الدولة.

ومن جهة ثانية، وقفت الدول العربية إلى جانب لبنان منذ عام 1990 وقدمت المساعدات والهبات وساهمت مرات عدّة في إعادة الإعمار، لكن معظم هذه الأموال سُرقت وذهبت هدرًا، لذلك لم تعد هذه الدول مستعدّة لتقديم "شكات على بياض" للطبقة السياسية اللبنانية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: