المفتون الشباب إلى العمل در

IMG-20221219-WA0008

بقلم المحامي الشيخ عمر شبارو*

انتهى اليوم الانتخابي الطويل في اغلب مناطق الجمهورية اللبنانية، بكل محبة وسلام، حاملا معه أملا جديدا لمسيرة طويلة لأصحاب السماحة المفتين المحليين أعانهم الله تعالى،

بنخبة من الوجوه الجديدة ذات الطابع الشبابي الغالب، تتصدر الساحة الدينية والاجتماعية الاسلامية والوطنية وتتزين المناطق بعمائم ناصعة البياض رائعة السمعة.

وأمام هذا الحدث الهام جدا على صعيد الوطن عموما والمسلمين خصوصا لا بد من تسجيل بعض النقاط المهمة في الشكل والمضمون:

١- الشكر موصول لصاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، على هذه الخطوة الجريئة في الدعوة والإشراف المباشر على انتخاب أصحاب السماحة المفتين المحليين متمنين استكمالها في صيدا وجبل لبنان، وهي خطوة تحسب له ويشكر عليها خصوصا في ظل انقطاع دام لعقود عن تحقيق هذا الواجب القانوني وفقا لما ينص عليه المرسوم ١٨ / ٥٥  وهو حفظه الله المعروف بحرصه الدائم على المصلحة الإسلامية العليا وحماية شؤون الطائفة في كل المراحل التي خاضها خلال ولايته وحتى اليوم خلال فترة زمنية حصلت فيها أشد الأوضاع عصفا في هذا البلد منذ كينونته.

٢- الشكر موصول للدوائر الوقفية المحلية والمركزية بقيادة مدير عام الأوقاف في لبنان التي أشرفت على الاعداد والتنفيذ للانتخابات  في ظروف عمل غير عادية وتدهور كبير في اقتصاد البلد اثر سلبا على معيشتهم ومعيشة ابنائهم.

٣- من خلال الإطلاع على وجوه المفيتن المحليين الجدد، فإننا نلاحظ  للمرة الأولى منذ تاريخ الجمهورية  اللبنانية تبوء هذه المسؤولية من أغلبية واضخة من فئة المفتين الشباب وجلهم علماء أجلاء وأصحاب إختصاصات عالية وخبرات مميزة، الأمر الذي يدعونا جميعا لعقد الآمال على مرحلة جديدة تبصر النور بل أبصرت النور حقيقة ونرجو من الله تعالى أن يأخذ بيدهم لما فيه خير البلاد والعباد.

٤- قد يستحي السادة العلماء ان يشكون اوجاعهم فعادة ما تشكوا الناس اوجاعهم لهم، الا ان مقام الافتاء المحلي اليوم يدعونا للكلام في الصميم من أجل  أطلاق ورشة عمل حقيقية لا تحتمل التأخير لا تقيد بسقوف سياسية هنا أو هناك، تحت مظلة مفتي الجمهورية الأمين على الوقف وأهله، لحل الموضوع المعيشي أولا وقبل استقبال المهنئنين للعلماء والعاملين في القطاع الديني، والادراي والوقفي والمساجد على مساحة الوطن، 
من خلال مشاريع التنمية والاستثمار والإنتاج في العقارات الوقفية وتنمية ما يمكن تنميته من عقارات واوقاف وحفظ ما يجب حفظه من حقوق فيها، ضرورة العمل الفوري لإطلاق عجلة التنمية الوقفية الاستثمارية في  المناطق فورا ودون اي تأخير حفاظا على ما تبقى من كرامة  للعاملين في الكادر الديني والإداري فيها، ومن يرى نفسه عاجزا عن هذا الأمر أو منشغلا في أمور السياسة أو الأعمال الخاصة فليستقل فورا ابراءا لذمته أمام الله وأمام الناس.

٥- إن ما ندعوا إليه اليوم هو اهم المهم وأوجب الواجب وعلى السادة المفتين المحليين، التنسيق السريع مع دوائر الاوقاف في المناطق والمديرية العامة للاوقاف في لبنان لاطلاق عجلة العمل الدؤوب بمباركة ورعاية سماحة مفتي الجمهورية الحريص على الوقف والسباق في مشاريع التنمية، خصوصا في دائرتي عكار وبعلبك الهرمل.

٦- ضرورة انتخاب مجالس ادراية جديدة متخصصة  للاوقاف (وهذا متوقع في المرحلة القادمة ) مجالس متجانسة تحمل روحية العمل والسعي للعطاء للمؤسسات الدينية لا روح التخاذل والتكاسل والتكسب على عاتقها، مجالس مفيدة نافعة للوقف وأهله تستجيب مع حاجة الجهاز الديني والإداري وتسعى لحل أمورهم ومشاكل الاوقاف القائمين عليها وصيانة واستثمار ورعاية وتنمية الوقف الإسلامي التابع لها بشكل نافع ومنتج يرفع قيمة العائدات الوقفية ويدر مزيدا من الدخل للدوائر المحلية لتلبية حاجات عامليها.

٧-  ليس من المقبول بعد اليوم ان لا يكون في عكار خزان السنة في لبنان مقر ومركز واضح المعالم لدار الفتوى في عكار والمؤسسات الدينية الوقفية والإدارية والتعليمية فيها التي أصبحت متناثرة وإن وجدت تعاني من ضعف التأثير والوجود، وعلى المفتي المحلي الجديد جمع شمل السادة العلماء فورا واطفاء نعرة التفريق الفكري والمدرسي بين أبناء المنهج السني الواحد بنعرات لا تثمن من جوع ولا تروي من ظمأ، وأن يجمع المفتي المنتخب تحت لوائه كبار علماء عكار ويبعد اي نعرة مناطقية أو فكرية أو عائلية عن الانخراط في الشؤون الدينية والوقفية البحتة.

٨- *إلى العمل در
ليس من المقبول بعد اليوم وعلى رأس المناطق مفتين منتخبين غالبيتهم بعمر الشباب إلقاء اللوم على مديرية أوقاف بيروت لشح الموارد المالية أو عدم الرضا عن الأوضاع القائمة فيها، فعلى اوقاف المناطق أن تعمل وأن تنتج وكل ذلك تحت عباءة مفتي الجمهورية، *المفتون الشباب إلى العمل در*   لرفع أرقام ميزانيات الاوقاف واستثمار  العقارات الوقفية واستجلاب المداخيل، فالإنتاج هو  من أجل الإستمرار، وهذا مما تعلمنا منكم ن قول رسول الله  ﷺ: ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده .

اخيرا،
ستبقى دار الفتوى في لبنان بمفتييها وأوقافها ومساجدها وأئمتها وكوادرها وعامليها ومنتسبيها درع هذا الوطن وأمانه الفكري والديني وحاملة شعلة الوسطية إلى جميع اطيافه وصمام أمانه.

* الخبير في الشؤون القانونية الوقفية  والمحاكم الشرعية

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: