يكمن الجديد في الملف الرئاسي، في أن الحراك الذي تقوده دولة قطر، قد انتقل إلى مرحلة متقدمة من تفعيل المساعي والإتصالات، والتي ستبدأ عملياً مطلع العام ٢٠٢٤، من خلال المواكبة الميدانية للإستعدادات الجارية نيابياً وعبر حراك لم تتضح طبيعته، يستعد له رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد نقله عنه أكثر من نائب ينتمي إلى كتلته النيابية.
وعليه، بات من شبه المؤكد أن روزنامة العام المقبل، ستحمل عنواناً رئيسياً هو الإستحقاق الرئاسي، وفق إيقاع جديد وبنتيجة عودة المحركات المحلية والدولية الى الدوران، عقب الانكماش الذي أصاب هذا الملف منذ حوالي الـ3 أشهر، نتيجة الحرب التي اندلعت في غزة، وفرضت نفسها على غيرها من الملفات على مستوى المنطقة والعالم.
وبالتالي، وفي الشق الداخلي، يؤكد رئيس المجلس مراراً وتكراراً وفي أكثر من حديث صحافي، أنه سيعيد إدارة محركاته مع بداية العام الجديد، في مؤشر واضح على فاعلية الضغوط الداخلية والخارجية التي سجلت في الآونة الأخيرة.
في هذه الأثناء، تنشط الاتصالات الداخلية، وانطلقت الحركة رغم الأعياد، لاحياء هذا الملف، ولعل ابرزها الحركة التي يقوم بها رئيس "اللقاء الديمقراطي" تيمور جنبلاط، والاتصالات التي يجريها مع عدد من الفرقاء في العلن وفي السر، للوصول الى توافق على اسم رئيس للجمهورية.
في المقابل تقوم المعارضة بمشاورات داخلية من اجل القيام بدفع جدي يعيد تحريك الاستحقاق، وجعل المعركة اكثر وضوحاً بين الخيارات الحالية، علماً أن المرشح الأول لدى المعارضة، لا يزال قائد الجيش العماد جوزف عون، وذلك بمعزل عن كل الأسماء المطروحة على الطاولة والتي تركز على مرشحين جدد، لا يغيب عنهم اسم قائد الجيش، وذلك بعدما طوت المعارضة صفحة التقاطعات "الهجينة"، بعد فشل الرهان على موقف رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.
هذا على صعيد التحرك الداخلي، اما على صعيد التحرك الخارجي، فلا تزال قطر تلعب دور "الملك" في الملف الرئاسي وهي الوحيدة التي تسعى اليوم جاهدةً الى حل هذا الملف حيث من المتوقع ان تشهد الساحة الداخلية حراكاً ديبلوماسياً أميركياً لم تظهر طبيعته بعد، يتزامن مع الوساطة التي تقوم بها قطر من أجل وضع حد للشغور الرئاسي، وذلك من خلال البناء على مشهد التلاقي الذي حصل في المجلس النيابي، في لحظة التمديد لقائد الجيش، لأن ما جمع الكتل النيابية في جلسة التمديد، يجب أن ينسحب على جلسة انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، من وجهة نظر الدوحة.
ولذا من المتوقع أن يزور الموفد القطري لبنان مع بداية العام المقبل، حاملاً في جعبته لائحةً من الاسماء الوسطية التي من الممكن ان يعول عليها لاخراج الملف من عنق الزجاجة. وقد كان لافتاً ان الأسماء المطروحة، شملت قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للامن العام اللواء الياس البيسري والنائب نعمت افرام والوزير السابق زياد بارود.
وفي هذا الاطار تشير المعلومات والمعطيات المتقاطعة، الى ان حلحلةً قد تطرأ على الملف الرئاسي، اعتبارًا من شباط المقبل، وذلك اذا ما نجحت الاتصالات الداخلية والخارجية في الوصول إلى تسوية تسمح بإنجاز الإنتخابات الرئاسية، من خلال الاتفاق بين الكتل النيابية على ترشيح شخصية قادرة على إرساء مناخ سياسي جديد وإطلاق مرحلة سياسية جديدة تؤدي إلى انتظام عمل المؤسسات في لبنان.