كأنه كان ينقص اللبنانيين مشاكل وهموم ليبتدع رئيس مجلس النواب نبيه بري قراراً وفق معايير مزاجه بعدم تقديم الساعة ساعة عمل بالتوقيت الصيفي حتى إنتهاء شهر رمضان الفضيل. بري طلب من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي السير بهذا القرار خلال لقائهما في عين التينة في 23/3/2023، فسارع الأخير الى إبلاغه بإستحالة ذلك لانعكاساته السلبية خصوصاً على حركة الطيران. لكن الفضيحة انه ما كاد ميقاتي يغادر عين التينة حتى كان يستسلم لرغبة بري، فصدرت مذكرة عن رئاسة مجلس الوزراء بتجميد تقديم الساعة حتى عشرين نيسان المقبل.
لم يخجل ميقاتي من أنه بدا "متل الصبي مع خالتو" وتراجع امام رغبة بري الذي تعمّد فريقه تسريب فيديو اللقاء… لم يستتر أمام وقاحة "السلبطة" التي تصرّ على وضع لبنان دوماً خارج الانتظام العالمي… وها هو اليوم "بدل ما يكحلها عماها".
فقد وصلت الوقاحة بميقاتي أن يستغبي اللبنانيين محاولاً التنصل من رضوخه لمزاجية بري وعدم إلتزامه بالاصول والمعايير لإتخاذ هكذا قرار، فقال لـ"النهار": "أرسلت كتاباً لوزير الأشغال العامة لدراسة موضوع تأخير التوقيت الصيفي منذ 6 أشهر وكان الردّ أن قطاع الطيران هو الذي يتأثر؛ ثم طرحنا الموضوع على رئيس "طيران الشرق الأوسط" الذي أشار إلى أنه لا مشكلة إذا اقتصرت المسألة على 3 أسابيع فاتخدنا القرار عندئذ".
فمن نصدق "ميقاتي قبل السحسوح" – ولو كان السحسوح بالمونة - الذي ابلغ بري ان تأخير الساعة يتعارض مع حركة الطيران أم "ميقاتي بعد السحسوح" الذي سعى الى "براءة ذمة" من رئيس طيران الشرق الاوسط؟ وهل قرار الاخير أبلغه لميقاتي وهو في عين التنية؟!!
أما الوقاحة الاكبر فهي قول ميقاتي: "هل المطلوب هذه التعبئة الطائفية بدل الحرص الضروري على العيش الواحد، فيما كان يتوجّب تفعيل اجتماعات الطوارئ والاهتمام بمناقشة كيفية الخروج من المخاطر التي عبّر عنها صندوق النقد الدولي؟ أعرب عن أسفي للمنحى الطائفي الذي تتّخذه مسألة تأخير التوقيت الصيفي والذي لا علاقة له بالموضوع".
إن كان من خطوة طائفية فهي قرار ميقاتي وبري الذي انتهك منطق دولة المؤسسات والمعايير المعتمدة دولياً وكرّس منطق "الديوانية"… إن كان من وقاحة فهي التنصل من فشلهم كفريق حاكم في الاستجابة لمتطلبات الاتفاق مع صندوق النقد… إن كان من مهزلة فهي إستحضار "العيش الواحد" عند كل مفرق وكلما "عنّ" على بال أحدهم أن يغني موالاً…