"اليونيفيل" و "فضل الحزب سابق"

000_32M99PN

لطالما لعب "حزب الله" ورقة "الاهالي" للإعتداء على قوات حفظ السلام "اليونيفيل" وتمرير الرسائل محلياً ودولياً ولطالما تنصّل من دوره. لطالما تباهى "الحزب" في حضوره بكل شبر من القرى والبلدات ولطالما تحدّث عن وعي بيئته الحاضنة وإنضباطها.

عشرات الشهداء سقطوا في صفوف قوات "اليونيفيل" منذ 23/3/1978 تاريخ بدء مهامها في الجنوب لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية عقب الاجتياح يومها وقراري مجلس الامن 425 و426. وبعد حرب تموز 2006، تمّ تطوير مهامها بناء على قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي صدر بإجماع أعضائه وخضع له "الحزب". إلا إن ذلك، لم يمنعه من الالتفاف تدريجياً على مضمونه والتلطي خلف الاهالي.

منذ عام الى اليوم، أكثر من حادثة وقعت ومن بين الحوادث المعلنة: الاعتداء على دورية لـ"اليونيفيل" في شقرا في 22/12/2021 بحجة التقاط صور داخل البلدة، تكرار المشهد في بنت جبيل في 4/1/2022 وإرتفاع حدة الاشتباك عبر حجز سيارات قوات الطوارئ ومصادرة سلاحهم في بلدة رامية الجنوبية في 25/1/2022. إلا ان الحادث الأخطر وقع في 14/12/2022 في بلدة العاقبية جنوبي مدينة صيدا حيث أدى إطلاق النار الى إستشهاد عنصر إيرلاندي وجرح 3 آخرين وصدق المثل القائل: "مش كل مرة بتسلم الجرة".

إن كُنا حسني النية، ولم نستبق التحقيق ونعتبر ان الحادثة رسالة دموية وجهها "الحزب" لأن إطلاق النار على "اليونيفيل" لا يمكن ان يكون فورة غضب فردية ولأن في كل بلدة هناك مسؤولاً امنياً من "الحزب" يحرك البيئة الحاضنة بل إعتبرنا أنها حادثة عفوية والامور خرجت عن السيطرة، إن كُنا مشككين بصدق قول رئيس الوزراء الأيرلندي إن جنود بلاده في صفوف "اليونيفيل" في بيئة عدائية صعبة وإعتبرنا البيئة الحاضنة لـ"الحزب" صديقة للقبعات الزرق، إن لم نسترسل في التحليل ونربط الحادثة برسائل داخلية متعلقة بالاستحقاق الرئاسي أو عابرة للحدود ومتعلقة بالواقع الايراني المأزوم بين تعثر المفاوضات النووية مع الخارج والثورة المستمرة في الداخل، إلا إنه لا يمكن لعاقل ان يقتنع بتبرير مسؤول وحدة التنسيق والإرتباط في "حزب الله" الحاج وفيق صفا ولا أن يعطي "شهادة حسن سلوك" لـ"الحزب".

ففيما غاب اعتداء العاقبية عن بيان كتلة "الوفاء للمقاومة"، كلّف "الحزب" صفا مواكبة الحادثة فإتصل بقائد "اليونيفيل" الجنرال أرولدو لاثارو متقدماً بإسم "الحزب" بالعزاء ومؤكداً في حديث لـ"رويترز" أن "الحادث غير مقصود" وطالباً بـ" ترك المجال للأجهزة الأمنية للتحقيق وعدم إقحام حزب الله في الحادثة". كما وأشار صفا، إلى "بعض تفاصيل الحادثة كما نقلها الأهالي"، كاشفاً في حديثٍ لـ"LBCI"، أن "سيارة واحدة تابعة للقوة الايرلندية دخلت في طريق غير معهود العبور به من قبل اليونيفيل فيما السيارة الثانية سلكت الاوتوستراد الدولي المعهود المرور به ولم يحصل معها اي إشكال".

فهل الدخول في طريق غير معهود العبور يبرّر الاعتداء على "اليونيفيل" وإطلاق النار؟ كيف لصفا ان يدعو لترك المجال للأجهزة الأمنية للتحقيق في الحادث، فيما هو يستبق التحقيق بقوله إن "الحادثة غير مقصودة"؟ كيف له أن يطلب عدم إقحام "حزب الله" في الحادثة، فيما هي نتيجة فائض القوة وعنجهية السلاح والتحريض المستدام ضد اليونيفيل؟

حادثة العاقبية إن لم تكن نتاج عمل مباشر وممنهج من قبله، فهي أقله نتيجة الشحن والتحريض الذي يمارسه "الحزب". أما من يدعون الى إنتظار التحقيقات، فهل يكفلون ألا يتكرّر سيناريو إغتيال النقيب الطيار سامر حنا حيث قدم "الحزب" الى المحكمة متهماً يدعى مصطفى مقدم وتبين لاحقاً أنه مصاب بيديه ومن سابع المستحيلات ان يكون بإستطاعته أطلاق النار. ثم أخلي سبيله بكفالة قبل أن يعلن "الحزب" لاحقاً مقتله في جرود عرسال؟ في الحقيقة، ليس هناك من إقحام للحزب فـ "فضل الحزب سابق".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: