كتب سعيد مالك في صحيفة “نداء الوطن” – تنُصّ المادة/49/ من الدستور، أن ولاية رئيس الجمهورية تمتّد إلى ستة أعوام. ويُنتخب من البرلمان، الذي يجب أن يكون مُمّثِلاً للشعب.
وفي العام/2022/ وحين انتخاب المجلس الحالي، كان سلاح “حزب الله” مُنتشراً من الناقورة جنوباً حتى النهر الكبير شمالاً، ومن السلسلة الشرقية شرقاً حتى البحر المتوسّط غرباً. وكان يتحكّم بمفاصل الدولة، ويفرض سلطته وسطوته بقوّة السلاح. كذلك كان النظام السوري البائد مُمسكاً بالنظام بواسطة أزلام، فرضهم على الحياة السياسية، وكرّسهم في مواقع قيادية، وأولاهم السلطة والمناصب… كل ذلك انعكس على حرية الناخب يومها، وفرض نتائج برهبة السلاح وسطوة نظام سوري مُجرِم.
أمّا اليوم،
وبعد ما شهده لبنان من أحداث، وبعد سقوط نظام الأسد واندثاره. ونتيجة تعثُّر المجلس النيابي في انتخاب رئيس للدولة لأكثر من دورة انتخابية، بات لا بُدّ من إعادة تكوين المؤسسات، بدءاً من السلطة التشريعية التي هي أُمّ السلطات.
وعليه، يقتضي الذهاب أوّلاً إلى انتخابات نيابية مُبكرة، قبل الانتخابات الرئاسية، لتكوين السلطة بطريقة دستورية سليمة، والمُطالبة بذلك ليس غريباً. كون الانتخابات المُبكرة في الأنظمة البرلمانية، ليست ممكنة بل واجباً حين تتغيّر الظروف والأوضاع تغيُّراً حاسماً ومفصلياً. حيث تقتضي العودة إلى الشعب الذي هو مصدر السلطات (الفقرة “د” من مقدّمة الدستور) لتحديد خياراته.
والأمثلة على ذلك كثيرة. ففي العام/1968/ دعا الرئيس الفرنسي آنذاك “شارل ديغول” إلى انتخابات مُبكرة بعد احتجاجات مايو. كذلك في العام/1988/ وبعد إعادة انتخاب “فرنسوا ميتران” رئيساً، تمّت الدعوة إلى انتخابات مُبكرة لمحاولة إنشاء أغلبية برلمانية “لِميتران” من أجل إنهاء حكومة المساكنة. كذلك في العام/1981/ بعد أول انتخابات “لِميتران”. كذلك في العام/1997/ حين دعا الرئيس “جاك شيراك” إلى انتخابات مُبكرة قبل عام من موعدها.
كذلك في اليونان في العام/2012/ وبعد أن أنتَجت الانتخابات التشريعية في مايو/2012/ برلماناً فشل في تشكيل حكومة. وبعد عشرة أيام جرت انتخابات مُبكرة.
وأيضاً في إيطاليا جرت عدة انتخابات مُبكرة أوّلها عام/1972/ وآخرها عام/2008/. حتى في “لوكسمبورغ” جرت انتخابات مُبكرة في 20/10/2013. وفي “روسيا” في العام/2016/ أجريت قبل موعدها بثلاثة أشهر. وفي “سلوفاكيا” جرت انتخابات مُبكرة في 10/3/2012 لانتخاب/150/ عضواً في “Nàrodnà rada”، كذلك في “كندا” و”أستراليا” و”الهند” و”اليابان” و”باكستان” و”ألمانيا” و”رومانيا” و”السويد” و”أوكرانيا” و”بريطانيا” و”إيرلندا” و….. غيرها من الدول الأُخرى.
مما يُفيد،
أنّه في كافة الدول البرلمانية دون استثناء، يُصار إلى اللجوء إلى انتخابات نيابية مُبكرة، عند كل مُتغيّر وعند أي حدث أو متحوّر كان. كيف بالأحرى في لبنان؟ فما جرى لا يُمكن وصفه بأقلّ من زلزال من مطلع أيلول/2024/ حتى تاريخه. تغيّرت المُعطيات وتبدّلت الوقائع. وكل ذلك ألا يستأهل العودة إلى الشعب لاستمزاج رأيه وموقفه مما جرى؟
ألا يحّق لكل مواطن أن يُشارك في رسم سياسة دولته للأعوام الست المُقبلة؟
ألا يجب العودة إلى الشعب، عند تعطُّل البرلمان وعجزه عن انتخاب رئيس؟
ألا يقتضي الإحتكام إلى الإرادة الشعبية؟
وبالتالي،
المُطالبة بانتخابات نيابية مُبكرة ليست تَرَفاً إنما هي واجب.
والمَنطِق السليم، يفرض على مجلس النواب الحالي، الإلتئام وتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب 44/2017، وتقصير ولاية هذا المجلس، استثنائياً ولمرّة واحدة، إلى ثلاثة أعوام عوض الأربعة. وتكليف وزارة الداخلية إنجاز انتخابات مُبكرة في ربيع العام القادم على أبعد تقدير. كل ذلك، قبل الانتخابات الرئاسية. بحيث تكون مهمّة انتخاب الرئيس من صلاحية المجلس النيابي الجديد. حتى يأتي هذا الانتخاب لرئيس الدولة مُتطابقاً مع المزاج الشعبي وقراره الحُرّ السيّد المستقّل.