"بابا نويل شاف الويل"!

baba-wail

كتب عبد الفتاح خطاب:

صادفتُ بابا نويل في ليلة الميلاد، وهو يُطلق صرخات الويل... الويل، وقد استبدّ به الغضب والهيجان، يُنادي غزلانه بلهجة اليأس والإذعان: هلمّوا بنا نرحل إلى الأبد عن لبنان، قبل أن تُغرقنا الأشجان والأحزان، وتُصيبنا لوثة التشرذم والفلتان!

حاولتُ تهدئته وإعادة السكينة إلى قلبه والاطمئنان، فسألته بلطفٍ وحنان: ما الذي أصابك، وما الشان؟

أجابني وهو غضبان: ما من عاقل يُقحم نفسه في شأن لبنان إلا وأصابه الغثيان، يُواجه المصائب بالأطنان، كأنه يسكن فوق بركان، لا يدري متى يثور وأين ينفجر الآن! والعلّة هي الصراع والغليان، كلٌّ يُبطن مشروعاً خفيّاً لا يُعلن ولا يبان.

قلتُ له مُطمئناً بعبارة الأمان: يا بابا نويل، اهدأ وخذ الأمر ببساطة وسلوان، هذا لبنان من قديم الزمان، فاشرب كوباً من عصير البرتقال أو الرمان، وستعود إليك الابتسامة والاطمئنان.

فانفجر غاضباً بمنتهى الهيجان: لا يا صاح، ما هكذا تُبنى الأوطان، ولا هكذا يُؤمَّن مستقبل الأبناء والأحفاد والولدان! لقد أعرض أطفالكم عن الهدايا وأبدَوا النكران، وطلبوا مني بدلاً منها تأشيرات سفر إلى أصقاع البلدان، عساهم يجدون كرامةً وعيشاً في أمان!

أيقظني كلامه من غفلتي وأصابني بالذهول والخذلان، فاستعطفتُ "رودلف" صاحب الأنف الأحمر البرّاق اللمعان، أتوسّل إليه أن نتبادل المكان. فسخر مني وقال: صحيح أنا حيوان، ومع ذلك أرفض أن أعيش مثلكم في لبنان!

أما "بابا نويل" فقد رُئي آخر مرّة في لبنان يضرب رأسه بالحيطان، ويُردّد بصوت مكسور: "خلص... ما بقى نعيدها" ... ثمّ ولّى الدبران!

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: