رسم رئيس مجلس النواب نبيه بري ، وكعادته، حدود الصراع مع العهد وفريقه السياسي وتياره، بحيث لم تعد المواجهة محصورة بالخلافات حول “الإجتهادات الدستورية” أو حول دور المجلس النيابي، أو إدارة ملف تأليف الحكومة، أو حتى إطلاق دينامية الحرب على الفساد والتدقيق الجنائي. واعتباراً من اليوم، تقول مصادر نيابية مخضرمة، إن المواجهة بين الطرفين، لن تقتصر على الطابع الإصلاحي في النفط والكهرباء أو ترسيم الحدود البحرية، بل ستتخطى كل هذه العناوين إلى حرب حول الإستحقاقات الدستورية وفي مقدمها ألإنتخابات النيابية ومن ثم الإنتخابات الرئاسية، وإنما تحت عنوان “منع اختطاف وإسقاط لبنان الذي يحتضر من الداخل”.
فالسباق الذي بدأ باكراً جداً إلى قصر بعبدا، رأت فيه هذه المصادر، جوهر الصراع والسبب الذي يحرّك العلاقة ويهيمن على كل المشهد السياسي الداخلي، من دون الأخذ بالإعتبار ما يدمّره في طريقه، حتى ولو كان البلد بأكمله. ولم تكن كلمة الرئيس بري في ذكرى إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، سوى التعبير الواقعي عن حجم وعمق الصراع الدائر والذي كان انطلق منذ ما قبل التسوية الرئاسية وانتخاب الرئيس ميشال عون.
وتعزو هذه المصادر، أسباب هذه الحرب التي تكرّست مع الهجوم الأعنف بالأمس من قبل الرئيس بري ، على خصومه، إلى “تحرير” اللبنانيين من طوابير الذل ّ التي دُفعوا إليها من جهة وإلى تجاوز كل الصراعات السياسية والمشاريع “الفئوية” وتأليف الحكومة من جهة أخرى.
ولكن ما تحقق في الجولة الجديدة من المواجهة بين الطرفين، لن يتظّهر قريباً إلاً من خلال الملف الحكومي بالدرجة الأولى، حيث تتوقع المصادر النيابية أن ترسم التشكيلة الوزارية، اللوحة النهائية للإصطفافات بعدما عجزت أحداث الشارع المتنقلة بين جمهور الفريقين، عن تخطي أو تغيير قواعد الإشتباك التي يسهر عليها ويحميها الحليف المشترك في كل مرّة .
