بطرس خوند... عفوك لم تكتمل المهمة

IMG-20220915-WA0000

بعض الاشخاص تصبح قضيتهم أبعد من فرد ما يسبغ عليهم رمزية تاريخية، بعض الواجبات قد يتنصل منها المعنيون بها فتضحي جريمة تثقل ضمائرهم وبعض المهام قد يمضي العمر ولا ينجح المرء رغم نيته ومساعيه بإكمالها فتولّد وجعاً لا يفارق وجدانه.

بطرس خوند واحد من هذا البعض والذي تحول رمزاً للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية. هو القائد والقدوة في صفوف المقاومة اللبنانية الذي تنوعت مهامه بين سياسية وعسكرية. راقصه الموت مراراً، فترك بصماته إصابات وجراحاً في جسد تسيطر عليه روح مقاومة لا تعرف الخوف او التعب. لكنه شرب كأساً أشدّ إيلاماً من الموت، إنه الاختطاف والمصير المجهول المعلوم. ما جعل زوجته جانيت وأولاده رنا وربيع ورواد بشكل خاص ورفاقه ومحبيه بشكل عام مدمنين على القلق والبحث عن طرف خيط يوصلهم اليه رغم مرور 30 عاماً كبر فيها الاطفال ومنحوا بطرس نعمة الاحفاد التي لم يتنعّم بها.

الثامنة والنصف من صباح الثلثاء 15 أيلول 1992 توقفت عقارب عيونهم عن رؤية بطرس الاب والمناضل والقائد، حين كان يهمّ بفتح باب سيارته الأوبل الحمراء المركونة قرب منزله في منطقة حرج تابت - سن الفيل حيث طوّقه نحو 8 مسلحين غير ملثمين. عاجلهم وشهّر مسدسه لكنهم نجحوا بادخاله في سيارة من نوع فان وخطفه على وقع ازيز رصاصة يتيمة.

لكن الزمن لم يتوقف. ففي لغة المقاومين من خامة بطرس خوند لا مكان لتوقف الزمن لأن النضال مسيرة مستدامة. 30 سنة، وعيونهم شاخصة علّ الباب يقرع أو الهاتف يرن، عسى صوت بطرس يصدح. 30 سنة، نجحت جانيت بالوفاء لمشروع بطرس المقدس العائلة فسهرت وكدّت على اطفالها وعلمهم وتنشئتهم فأصبحوا شباباً وأسسوا العائلات وحفظوا قضية والدهم وربما احياناً كثيرة طغت عليهم الطبيعة البشرية وتمنوا ان يكونوا مع بطرس الاب ولو خلع عنهم بطرس القائد والمناضل. إنه شعور لا بدّ ان يتملّك كلاً منا فنقول مع يسوع "أبعد عنا هذا الكأس".

بطرس خوند تحول رمزاً للمخطوفين والمعتقلين في السجون السورية الذين تنصل المسؤولون في هذه الدولة منهم إما لتواطئهم وعمالتهم للنظام السوري أو لحسابات شخصية ضيقة. خطف بطرس في زمن القبضة الامنية السورية – اللبنانية وفي وضح النهار ومن قبل وجوه سافرة وبقي التحقيق فارغاً كأجوبة المسؤولين حينها. زار كثر منهم دمشق مراراً ولم يسألوا لا عن خوند ولا حتى عن أقرب المقربين منهم والذين إعتقلوا بسببهم. لكن فليطمأنوا جريمة الخطف هذه ومثيلاتها ستثقل ضمائرهم في هذه الحياة والممات.

بطرس خوند تحوّل أيقونة نضالية لأبناء المقاومة اللبنانية وفي طليعتهم "الكتائب اللبنانية" و"القوات اللبنانية"، لكن للأسف لم ينجحوا في تعقّب خاطفيه أو معرفة مصيره. بطرس خوند وكل المفقودين والمعتقلين في السجون السورية مهمة لم تكتمل وقضية لن تقفل ووجع لا يفارق الوجدان. إنها الحقيقة المرّة، بعض المهام قد يمضي العمر ولا ينجح المرء رغم نيته ومساعيه بإكمالها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: