في 14 أذار 2005 تداعى اكثر من نصف اللبنانيين، الى تظاهرة شعبية في ساحة الشهداء في العاصمة بيروت، بطلب من شخصيات سياسية من طوائف مختلفة، تحت عنوان ” ثورة الارز”، التي تمثلت اهدافها بضرورة إنهاء الاحتلال السوري للبنان، وتكوين لجنة دولية للتحقيق في اغتيال الشهيد رفيق الحريري، بعد مضيّ شهر على إغتياله، ورحيل النظام اللبناني- السوري، واستقالة مسؤولين امنييّن، وتنظيم انتخابات نيابية نزيهة، والى ما هنالك من مطالب صبّت في خانة تحقيق إستقلال لبنان.
ثورة الارز” تمكنّت حينها من جذب اللبنانيين التوّاقين الى الحرية والسيادة، والى قيام دولة قوية مبنية على مؤسسات تحترم القوانين، وتعتمد الديموقراطية اساساً لنظامها السياسي، فجمعت افرقاء لطالما كانوا بعيدين ضمن مسافات سياسية شاسعة، توحّدوا تحت شعار ” لبنان اولاً “، وإستطاعوا تحقيق بعض اهدافها، على الرغم من الضغوط التي كانت تطوّقها، فسقط إزاء ذلك العديد من الشهداء، كانوا من ابرز اركان انتفاضة الاستقلال.ومع مرور كل تلك السنوات، وجراء العراقيل والعقبات التي وُضعت امام الفريق السيادي، وتنفيذ الفريق الاخر مخططات الدول الاقليمية التي يمثلها في لبنان، والاستعانة بسلاح غير شرعي لطالما كان وما زال عائقاً امام قيام الدولة، تلاشى الحماس الذي كان طاغياً في نفوس مناصري تلك الثورة ، واُزيل شيئاً فشيئاً حتى وصل فريق 14 آذار الى التشتت الذي قضى على الآمال، فخُذل جمهوره من خلال عدم إتخاذه ايضاً القرار السياسي الصائب في العديد من المسائل، فسيطر الإحباط الذي قضى على الحلم الكبير. مع الامل بأن تعود الإرادة الصلبة للفريق السيادي فيتوحّد من جديد، ليقف ضد الوصاية الجديدة على لبنان، وهذا يتطلّب ارادة وطنية جامعة، تنطلق من جديد من صرخة نداء بكركي الشهير في ايلول من العام 2000، ومن لقاء قرنة شهوان، ورمزية سجن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ومن إستشهاد الرئيس رفيق الحريري، لتجمع ذلك الفريق وتستعيد مشهدية ذلك اليوم المجيد.