كما في كل عظة أو إطلالة له، يكشف البطريرك الماروني بشارة الراعي، خطيئة المسؤولين عن وصول البلاد إلى حافة الهاوية، والسقوط في ّ الضائقة المالية والإجتماعية، وحتى الأمنية، من خلال عدم القيام بواجباتهم تجاه الشعب عبر تأليف حكومة قادرة، تضمّ النخبة الوطنية، محذّراً من أن “إضاعة هذه الفرصة سيضيع لبنان في مجاهل لعبة السلطة داخلياً، وفي صراع المحاور إقليمياً”.
وعلى الرغم من أن البطريرك الراعي، لم يتأخر في أي محطة عن المبادرة في اتجاه أكثر من فريق محلي ودولي وعربي، من أجل “تصحيح”مسار علاقات لبنان مع الخارج، وحماية مصالح كل اللبنانيين، كما تؤكد مصادر سياسية مسيحية، فإن دعوته اليوم، وخلال تكريس كنيسة بيت مريم في حاريصا، ترتدي طابعاً شاملاً من حيث التحذير من فقدان الأمل بالمستقبل من جهة، والتأكيد بأن لبنان لن يموت من جهة أخرى.
وإذ تركّز المصادر نفسها، على اتهام البطريرك لأطراف لم يسمّها تدفع لبنان إلى الإنهيار لغايات مشبوهة، فهي تعتبر أن المشهد بات من الوضوح بحيث أن المساومات باتت “مفضوحة” والتسويات قد انطلقت، وبالتالي، أراد البطريرك الراعي، أن يدقّ ناقوس الخطر من أجل “النضال لاستعادة القرار الحرّ والسيادة والإستقلال، وعدم جعل لبنان مرتبطاً بأحلاف ونزاعات وحروب”.
فهل يعني هذا التحذير أن الخطوط الحمراء لم تعد قائمة، وان الملف اللبناني أصبح ملحقاً بملفات المنطقة؟
عن هذا السؤال، تجيب المصادر السياسية المسيحية، بأن دور بكركي هو النضال من أجل حقوق كل اللبنانيين وليس”التفريط بحقوق المسيحيين” كما سبق واتّهمها فريق لبناني فاعل. ومن هنا، فإن تكرار الدعوة إلى الحياد الإيجابي الناشط، وعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية أممية، قد عرض البطريرك بنفسه أهدافها وأبرزها أن يقرّر الشعب اللبناني مصيره بنفسه، وإن كانت بكركي ترحّب وتؤيّد مناخات التقارب والمصالحات والحوارات الجارية في المنطقة.
وعليه، فإن صرخة البطريرك الراعي اليوم، وإن كانت غير منتظرة منه كرجل دين، على حد قول المصادر ذاتها، فهي تعكس، قناعة لديه بدأ يتلمّسها منذ أشهر عدة، وتحديداً بعد سقوط كل المبادرات لتأليف الحكومة، بأن لبنان يتعرّض لمخطّط خطير بمستوى الإنقلاب لتغيير أسس الكيان اللبناني من خلال تفريغ المؤسّسات الدستورية من مضمونها