تخويف وتهويل.. وفرصة جدّيّة

Smoke billows from a site in the city of Haifa on June 16, 2025, following a fresh barrage of Iranian missiles. Israel's military warned on June 16 of a new missile salvo incoming from Iran, as AFP journalists reported loud explosions in Jerusalem and fires outside the coastal city of Haifa. "A short while ago, the IDF identified missiles launched from Iran toward the territory of the State of Israel," the army posted on Telegram, using the acronym for its official name. (Photo by Ahmad GHARABLI / AFP)

وضمن هذا السياق، أكّد مرجع كبير أنّه "خلافًا لكلّ التصعيد، وللمناخ الحربي الذي يصاحبه تهويل وتخويف تشارك في إشاعته، مع الأسف، أصوات لبنانية من ذات عائلة الجهات السياسية التي تضخّ سمومها في الخارج على الداخل، فلا أرى في الأفق أي احتمالات لتصعيد واسع أو لحرب كما يُروِّج لها مَن يريدونها، وليس هناك ما يدعو إلى القلق لا خلال الفترة المتبقّية من مهمّة الجيش قبل آخر السنة، ولا بعدها".

وبحسب مصادر رسمية، فإنّه "بالتوازي مع حركة المشاورات الداخلية الجارية بكثافة ملحوظة، حول طريقة التعامل مع المرحلة المقبلة، واستحقاقاتها السياسية والأمنية، وخصوصًا بين رئيسَي الجمهورية جوزاف عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي، أكان بتواصلهما المباشر أو عبر موفدين (رئيس الجمهورية أوفد مستشاره العميد أندريه رحّال إلى عين التينة، حيث التقى رئيس المجلس)، فإنّ فرصة جدّية متاحة أمام حركة الاتصالات في هذه الفترة، ولا سيّما مع الجهات الدولية الصديقة للبنان، خصوصًا مع رعاة لجنة "الميكانيزم"، وثمّة تفهّم لموقف وتوجّهات الدولة اللبنانية إلى جانب المهمّة الموكلة للجيش اللبناني التي ثَبُتَ قيامه بها على أكمل وجه، وتأكيد في الوقت عينه، على تعزيز المناخات المعاكسة للتوتير والتصعيد، وإعطاء الأولوية لتجنّب أيّ احتكاكات أو مواجهات".

وإذ تُلفِت المصادر عينها إلى "تعويل جدّي على ما قد يُؤسّس له الاجتماع الأمني المنتظر عقده الأسبوع الجاري في العاصمة الفرنسية، وكذلك على اجتماع لجنة "الميكانيزم" المقرَّر هذا الأسبوع أيضًا، وخصوصًا أنّ الجانبَين الأميركي والفرنسي يتقاطعان في الموقف حول ضرورة انطلاق المسار السياسي نحو محاولة بناء الأرضية الملائمة لبلوغ تفاهمات تضع الأزمة القائمة على السكة المعاكسة لاحتمالات التصعيد"، فإنّها تُشير في الوقت عينه إلى ما سمّته "تحفّظًا رسميًّا إزاء الموقف الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، الذي رفع فيه سقف الخطاب إلى حدود لا تخدم الموقف الرسمي في الاتصالات الجارية، بل تضع في طريقه عوائق وتعقيدات".

على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق، ما كشفت عنه معلومات موثوق فيها من تأكيدات عبّر عنها ديبلوماسي غربي رفيع بقوله لأحد كبار المسؤولين ما حرفيّته "بأنّ لجنة "الميكانيزم" بشكلها التفاوضي الجديد ستُفضي إلى إيجابيات ملموسة، يُؤمَل أن تبرز في القريب العاجل، وأنّ على لبنان أن يلتزم بأولوية الوصول إلى تسوية أو تفاهم بينه وبين إسرائيل، فهذا يصبّ في مصلحته بالدرجة الأولى، ويُنهي حالة الحرب التي يعيشها، ويوفّر الأمن والاستقرار الدائمَين على الجانبَين اللبناني والإسرائيلي، وأنا من جهتي مطمئنّ لمستقبل لبنان، بل أقول أكثر من ذلك، كل أصدقاء لبنان مع أمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه، والحفاظ على تنوّعه وحدوده الجغرافية، وأنا شخصيًّا أحمل عاطفة كبرى تجاه هذا البلد، ولا أؤيّد، بل لا يمكن أن أقبل بأن يُمَسّ بلبنان، أو يُنتزَع متر واحد من أرضه في الجنوب أو غير الجنوب".

تفاهم ضمن الثوابت

إلى ذلك، وردًا على سؤال، أكّد مصدر رفيع "إنّنا مستعدّون للوصول إلى تفاهم أمني مع إسرائيل، مرتكز على الثوابت اللبنانية التي تجمع عليها كل الرئاسات؛ الالتزام باتفاق وقف الأعمال الحربية، وقف الاعتداءات الإسرائيلية، انسحاب الجيش الإسرائيلي من النقاط التي يحتلّها في جنوب لبنان إلى ما خلف الخط الأزرق، إطلاق سراح الأسرى اللبنانيِّين، والالتزام الكلّي بمندرجات القرار الدولي 1701".

إلّا أنّ المصدر عينه أكّد من جهة ثانية أنّ "إسرائيل لا تريد بلوغ أي تفاهم، بل لا تُخفي هدفها الأساس وهو نسف القرار 1701، وإقامة واقع جديد قرب الحدود تحت مسمّى المنطقة العازلة، ما يعني إبقاء حالة الحرب قائمة".

وعمّا إذا كان لبنان قادرًا على تحمّل استمرار إسرائيل في اعتداءاتها، أكّد أنّ "ليس في يدنا إلّا أن نصبر وأن نتحمّل الوجع مهما كان مؤلمًا، فنحن من جهتنا قدّمنا إثباتًا لكل العالم بأنّنا لا نُريد الحرب ولا نسعى إليها، وملتزمون بالكامل باتفاق وقف الأعمال الحربية، وأكّدنا هذا الالتزام في أصعب المراحل على رغم من تصاعد وتيرة الاعتداءات والاغتيالات وفداحة الخسائر لعدد كبير من الشهداء والجرحى إلى جانب الخسائر المادّية، وسنبقى كذلك لمنع إسرائيل من تحقيق ما تريده".

وسُئل: لماذا لا يُبادر لبنان إلى خطوة ضاغطة لوقف العدوان، عبر تعليق مشاركته في لجنة "الميكانيزم" على سبيل المثال؟ فأوضح: "لجنة "الميكانيزم" بُنِيَت وتشكّلت على أساس اتفاق وقف إطلاق النار، وهذا الاتفاق بُنيَ على القرار 1701، نحن وعلى رغم من كل شيء مصلحتنا أن تبقى "الميكانيزم" رغم أنّها لا تقوم بدورها كما يجب، بل إنّها في الكثير من الأحيان تقوم بعملها ضدّنا. نحن نُريد "الميكانيزم"، ونُريد القرار 1701 لأنّ هدف إسرائيل الأساس هو تطيير القرار 1701، والخطأ الكبير الذي ارتُكِب بحقّ لبنان هو قرار مجلس الأمن بإنهاء مهمّة "اليونيفيل" حتى آخر سنة 2026، يعني المنطقة ستكون فارغة من "اليونيفيل"، والله أعلم ماذا يمكن أن يحصل إن لم تتبلوَر حلول قبل انتهاء هذه المهلة".

وأكّد "إنّنا على رغم من كل شيء، ماضون في "الميكانيزم"، وننتظر ما سيتمخّض عنها. وأمّا بالنسبة إلى التفاوض فنحن جاهزون لأي اتفاق أمني، لكن بالسياسة فـ"ما حدا يحكي معنا لا بسلام ولا بتطبيع، نريد تفاهمًا يوقف العدوان والاعتداءات ويؤمِّن الانسحاب وإطلاق الأسرى".

وماذا عن مرحلة شمال الليطاني، أوضح المصدر الرفيع: "الجيش يوشك أن يُنهي مهمّته في جنوب الليطاني، وأعتقد أنّها ستُنجَز قبل نهاية السنة، وما هو معلوم بأنّ مهمّة الجيش مندرجة في سياق اتفاق وقف الأعمال الحربية، ومحدَّدة حصرًا في منطقة جنوب الليطاني، فـ"ما حدا يحكي معنا عن شمال الليطاني، أو عن مراحل ثانية أو ثالثة أو رابعة، وحتى لو تبرّع بعض الوزراء الأشاوس بهذا الكلام، فكلامهم هذا ينمّ عن جهل وخواء حتى لا أقول أكثر من ذلك".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: