كتب الكاتب والمحلل الجيوسياسي جورج أبو صعب على حسابه عبر منصة "إكس": "في خضمّ غبار معركة سلاحه الداخلية والإقليمية والدولية، يحاول جناح أساسي داخل حزب الله البحث عن خيارات جديدة للاستحصال على ضمانات في ما لو سلّم سلاحه.
المعضلة التي يعيشها الحزب في الواقع الجيوسياسي هي معضلة مثلّثة الأضلاع.
الضلع الأول: انكشافه في الداخل اللبناني بعد تخلّي حلفائه المسيحيين والسنّة والدروز عن تأييد سلاحه.
الضلع الثاني: انكشافه عربيًا وإقليميًا بعد صمت الرياض حيال مبادرة كان قد أطلقها الأمين العام للحزب نعيم قاسم.
الضلع الثالث: عجز إيراني عن ترجمة «عنتريات» مواقف المسؤولين في طهران من دعم السلاح وتمجيده.
حيال هذه المعضلة، بدأ فريق داخل الحزب (وليس كل الحزب) يقتنع بضرورة الانخراط في المعادلة الإقليمية الجديدة. فجاء التوجّه التركي، والزيارة التي قام بها وفد حزبي إلى تركيا أخيراً، في محاولة لاستخدام القناة التركية المقرّبة من إدارة الرئيس دونالد ترامب، والمتواصلة مع إسرائيل، لطرح هواجس الضمانات مقابل السلاح.
تركيا، التي يزداد نفوذها في المنطقة كنتيجة طبيعية لخطأ الاتحاد الأوروبي الجيوسياسي برفض انضمامها إلى الاتحاد، تتوسّع ثقافيًا وسياسيًا وتجاريًا. وهي حاليًا المرشّح شبه الوحيد لوراثة "التركة" الإيرانية الصفوية التي تتراجع بشكل كبير، ونكاد نقول إنها على طريق الأفول، والدليل الأبرز على ذلك هو سوريا.
وقد استفادت أنقرة، ولا تزال، من التقاطع السعودي – المصري – السوري، بعد استتباب العلاقات التجارية مع الرياض، والعلاقات السياسية مع القاهرة (ودفن الدعم التركي للإخوان)، إضافة إلى العلاقات السياسية مع النظام الانتقالي الجديد في سوريا برئاسة أحمد الشرع.
ويستفيد الرئيس رجب طيب أردوغان من دعم الرئيس ترامب وصداقته الشخصية معه، بما يعزّز فرص المعادلة التركية في المنطقة، بموازاة المعادلة الإسرائيلية التي لا تزال تحظى بالأولوية السياسية في البيت الأبيض، في حين تحظى تركيا والسعودية ودول الخليج بالأولوية في التجارة والمشاريع الاستثمارية الضخمة مع الأميركيين.
الحزب يسعى إقليميًا، وتحت الطاولة، إلى الاستحصال على ضمانات أميركية تقيه ما يعتبره "تبعات تسليم سلاحه على وجوده"، مستشهدًا بما حصل للعلويين في الساحل السوري، وبما حصل مع الدروز في السويداء، ومع "قسد" في شمال شرق سوريا، لو لم يكن لديهم سلاح لحماية وجودهم، طبعًا وفق منطق الحزب.
وقد انتهت فعليًا مهمة سلاحه إقليميًا، من إسرائيل إلى سوريا، فاليمن فالعراق… وهو ما يفسّر ارتداده سياسيًا وإعلاميًا إلى الداخل اللبناني، وتغييب خطابه السياسي تجاه إسرائيل وأميركا ودول المنطقة، باعتبار أن المختبر الحقيقي لمصير ودور سلاحه هو أولًا اختبار داخلي.
إيران، الراعية المفترضة، وصلت إلى حالة عجز، باستثناء التصريحات والمواقف الإعلامية، إلا إذا قررت اللجوء إلى العنف عبر عمليات إرهابية في الداخل اللبناني، وهو خيار ستكون كلفته باهظة إقليميًا ودوليًا عليها.
وبات الحزب في وضع يصعب عليه الاستمرار في إقناع بيئته بأنه يحميها، فيما تسعى إيران إلى الحفاظ على ما تبقّى من قدراته ليبقى لها موطئ قدم في لبنان.
الورقة الشيعية لا تزال بيد طهران والحزب من الناحية الجيوسياسية، ولذلك يمكن اعتبار لبنان واقعًا تحت الاحتلال الإيراني المباشر سياسيًا وأمنيًا عبر الحرس الثوري، لا سيما بعد التصريحات الأخيرة لكبار المسؤولين الإيرانيين، ومنهم مستشار الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، الذي أعلن استمرار إيران في دعم "المقاومة الواقفة على الخطوط الأمامية في مواجهة العدو".
هذا التأكيد الثابت على احتلال إيران للبنان ليس جديدًا، لكن أمام تعاظم "الوقاحة" الإيرانية، يُطرح السؤال: ألا يستوجب ذلك موقفًا عربيًا صارمًا من التدخل الإيراني في شؤون دولة عربية مؤسسة لجامعة الدول العربية؟
فإيران تستأثر بمصير دولة عربية غصبًا عن غالبية شعبها الرافض لسياساتها التدخلية، وتأخذها رهينة لأجندتها الخاصة في المنطقة، لتفاوض من ثمّ على ظهرها وظهر جماعاتها في لبنان، وسط صمت عربي يثير الكثير من التساؤلات.
المعادلات الجيوسياسية هي التي تتحكّم بالمصائر".
العربية ؟… فايران تستأثر بمصير دولة عربية غصبا عن غالبية شعبها الرافض لها ولسياساتها التدخلية في الشأن الداخلي وتاخذه رهينة لاجندتها الخاصة في المنطقة لتفاوض من ثم على ظهره وظهر جماعاتها في لبنان وثمة صمت عربي حيال ذلك يثير التساؤلات …
— Georges Abou saab (@GeorgesAbousaa4) December 19, 2025
المعادلات الجيو سياسية تتحكم بالمصائر ١٢