كتب جان الفغالي
حبكت النكتة مع أحد المخضرمين في السياسة وفي العمل النقابي، فشبَّه ما حصل في انتخابات نقابة المهندسين بأنه لم يكن عمليًا سوى "بروفا" لجلسة التمديد للمجالس البلدية، فالرئيس نبيه بري، البارع في لعبة البليارد، ضرب كرة انتخابات نقابة المهندسين، فأصاب كرة التمديد للبلديات، هكذا "فوَّز" رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل "دنيا" نقابة المهندسين ليربح "آخرة" التمديد للمجالس البلدية.
مرَّ وقتٌ طويل لم ينعم الوزير باسيل بطعمِ فوز، مهما كان نوعه، فهو منذ خروج رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون من قصر بعبدا، تتوالى عليه الهزائم وأقساها الأنقسامات داخل التيار الوطني الحر: من إبعاد نائبيه في التيار، المحامية مي خريش والأستاذ منصور فاضل الذي له الفضل الأكبر في تحشيد الشباب والطلاب في التيار، إلى القطيعة مع نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وتقديم "غريمه" في المتن الشمالي غسان خوري عليه، إلى حرب داحس والغبراء بينه وبين النائب السابق عن جزين زياد أسود.
وما ضاعف في التقهقر، العلاقة المتدهورة مع حزب الله والتي وصلت إلى حدّ "تعيير" الجيش الالكتروني لحزب الله أنه لولا الحزب لكانت كتلة التيار النيابية لا تتجاوز العشرة نواب.
في ظل كل هذا التقهقر، كان الوزير باسيل يفتش عن فوز حتى على مستوى نقيب، جاءت انتخابات نقابة المهندسين، فجاءت الفرصة: حوَّل منزله في البياضة إلى "غرفة عمليات هندسية"، رمَّم ظرفياً ركام تفاهم مار مخايل ليطلب من حزب الله أصوات المهندسين من الحزب، تناسى كل "سرديته" عن "البلطجي" نبيه بري، فطلب منه أصوات المهندسين في حركة أمل، لم يُفاجأ "داهية" عين التينة باستجداء الوزير باسيل، لكن "ما في شي ببلاش" فانتظره على "كوع" التمديد للإنتخابات البلدية والإختيارية، وانتزع منه وعداً بأن نواب التكتل سيحضرون جلسة التمديد للبلديات.
أكثر من ذلك، فإن حزب الله يعتبر أن له في النقيب فادي حنا بمقدار ما له جبران باسيل فيه، فهو أحد المتعهدين، مع شربل حبيب، الذين حازوا معظم أشغال إعادة الإعمار في الضاحية بعد حرب تموز 2006، ووصوله على رأس نقابة المهندسين يعني أن حزب الله أصبح، بشكل أو بآخر، على رأس النقابة.
كان تصويت حزب الله أشبه بالتكليف الشرعي الذي يُمنَع شرعاً خرقه، كما كان تصويت مهندسي أمل، في مقابل تصويت كتلة نواب التيار لمصلحة التمديد للانتخابات البلدية، فالتيار هو الذي طلب دعم "الثنائي" بشكل رسمي قبل أكثر من أسبوعين، وبين "التكليف الشرعي" وحذاقة الرئيس بري، صبَّت أصوات المهندسين الشيعة 2700 لمصلحة فادي حنا.
حزب الله جهر بدعمه للتيار، فأعلنت "وحدة المهن الحرة في حزب الله عن فوز كامل اللائحة المدعومة منها ومن حلفائها في التيار الوطني الحر وحركة أمل وجمعية المشاريع الخيرية.
تقول صحيفة "الأخبار" الراعي الإعلامي للوزير جبران باسيل: "كادت النتيجة ترجّح لمصلحة جعارة قبل ان تقلب ماكينة "الثنائي" المعادلة فارتفعت المشاركة الشيعية إلى نحو 2700 ناخب غالبيتهم العظمى من حصة الثنائي، وفي النتيجة فاز التيار وإلى جانبه الثنائي وجمعية المشاريع (سنّة سوريا) يرفعون شارة النصر".
جلسة مجلس النواب للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية، لناظرها قريب، وستكشف "تواطؤ عين التينة – ميرنا شالوحي" ربما لأن الإنتخابات البلدية، إذا حصلت، فإنها ستكشف الأحجام المنفوخة، والتي يعرفها الوزير باسيل جيداً، وكأن لسان حاله يقول: "ألف مرة تمديد ولا مرة انتخابات".