“حزب لله” و”حسن خي حسين” في كسروان

حزب-الله__-اللبناني

يُعتبر “حزب الله” أبرز اللاعبين الاستراتيجيين في لبنان – إن لم يكن بنظر بعضهم اللاعب الوحيد – بسب توفّر المقومات اللازمة وفي مقدمها إمتلاك رؤية واضحة مترجمة عبر مشروع محدّد المعالم والتمتّع بقبضة تنظيمية حديدية من جهة وعوامل مساعدة كالنفس الطويل جراء طبيعة بيئته الحاضنة وتوفر مقومات ديمواتها مقارنة بالابيئات الأخرى أكان المادية أو الديمغرافية. ففي حين يجهد بعض المكونات بالعمل للحد من الخسائر، ينكب “الحزب” على تسجيل النقاط وتحقيق الأرباح بشكل تراكمي وهو يحترف سياسية “القضم”. لذا في إطار مشروعه الإستراتيجي، يتقن “الحزب” لعبة تحديد الأحجام بحيث لا يغرق في تفاصيل “المفرق” بل “ينيشن على الجملة”. هذا ما أثبته نيابياً ووزارياً، فعلى سبيل المثال إن أخذنا مرحلة ما بعد العام 2005، نلاحظ انه لم يتوقف عند طبيعة الحقائب التي استحوذ عليها بالمباشر لا بل حتى عمد بالتكافل والتضامن مع الرئيس نبيه بري الى التخلي عن وزير شيعي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011 – التي عرفت بحكومة “القمصان السود” – لمصلحة توزير حليف سني هو فيصل كرامي. كذلك نيابياً، فهو عمد الى رفد شريكه في تفاهم “مار مخايل” الجنرال ميشال عون بأكثر من نائب لتكبير تكتله وكذلك فعل ما النائب طلال ارسلان لإبتكار كتلة نيابية له.بناء على هذا المنطق، يقارب “حزب الله” ملف الانتخابات النيابية بما فيها دائرة كسروان – جبيل. فشيعياً، نجح “الحزب” بتكريس زعامته في الدائرة في إنتخابات العام 2018 ولو لم يحصد مقعداً. فمرشحه الحاج حسين زعيتر حصد 9369 صوتاً، فيما حصد المرشحون الشيعة عن مقعد جبيل على اللوائح الأربع المنافسة مجتمعين 2181 صوتاً.بالطبع، هدف “حزب الله” أن يحجز المقعد الشيعي في جبيل له ولكن همه الأكبر أن يحصد أكثرية نيابية يفرض سيطرته عليها. كما ان إتساع مروحة التعددية الطائفية في هذه الاكثرية يشكلّ ورقة إضافية رابحة له. من هنا، كان فوز “حزب الله” مزدوجاً في إنتخابات العام 2018. من جهة، كرّس زعامته شيعياً في دائرة جبل لبنان الاولى عبر الأصوات في صناديق الاقتراع وحصد الى جانب نواب حليفه العوني نائبين لأكثريته هما فريد هيكل الخازن والراحل مصطفى الحسيني. من هنا، في حساباته الإستراتيجية إمتلاك نائبين يعززان الأكثرية التي تباهى بها قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الراحل قاسم سليماني أهم من إكتفاء هذه الاكثرية بنائب ولو حزبي.اليوم في إنتخابات العام 2022، وبعد تراجع حجم “التيار الوطني الحر” انتخابياً وفق معظم الاحصاءات، وفي ظل خصوصية كسروان – جبيل حيث فقد النائب شامل روكز صهر الجنرال عون الذي خرج من التكتل وكذلك خسر مروحة تحالفاته مع مستقلين – التي كانت واسعة عام 2018 في ظل “إنطلاقة العهد” – فوقع الطلاق مع النائب نعمة إفرام الفائز الاول في كسروان يومها بـ10717 صوتاً، ترتفع أسهم تحالف “التيار” مع “حزب الله” للحفاظ على “ماء وجه” الحواصل والاصوات في صناديق الاقتراع.كان لافتاً تعليق النائب السابق الدكتور فارس سعيد على إرتفاع حظوظ هذا التحالف، فغرّد: “تحالف يؤمّن حكماً وصول نائب لحزب الله في الدائرة. أدعو القوى المعترضة على اداء حزب الله الى التفكير في إمكانية إجهاض المحاولة او مواجهتها. أضع نفسي بالتصرّف. معركة “تحديد الاحجام” لا تعنينا”.دعوة مهمة ومقدّرة، ولكنها لا تكتمل إلا إذا ترافقت مع “تجفيف المنابع النيابية” التي تؤمّن الأكثرية للحزب عبر قطع الطريق بالتوازي على أي من حلفائه كالنائب فريد هيكل الخازن وعدم المساهمة بإكمال حاصله بهدف تحجيم عدد النواب العونيين في دائرة جبل لبنان الاولى كما جرى في إنتخابات عام 2018 يوم حصد الخازن 9081 صوتاً فشكلت أصوات سعيد الـ 5617 و “الكتائب” الـ 2239 عبر مرشحه شاكر سلامة الرافعة للخازن والنائب الراحل الحسيني. ففي الختام، ووفق البعد الاستراتيجي لـ”حزب الله” تنطبق مقولة “حسن خي حسين” إذا وصل اكبر عدد من النواب أكانوا من صفوفه أو عونيين أو حلفاء كالخازن إذ كما يقول المثل الشعبي “كلو بيرد شمص” أي الجميع سيكون من ضمن أكثرية الحزب النيابية. لذا حذار الوقوع في فخ تعويم الخازن لتحجيم العونيين لأنه إن فازوا معاً حينها يكون “حزب الله” الرابح الأكبر.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: