حقيقة المعلومات المتداولة عن عمل برّي على خط “معراب – كليمنصو”

Re-elected Lebanon's parliamentary speaker, Nabih Berri is pictured as Lebanon's newly elected parliament convenes for the first time to elect a speaker and deputy speaker in Beirut, Lebanon May 31, 2022. REUTERS/Mohamed Azakir

الإعلام ركيزة أساس في تكوين الرأي العام السياسي في أي مجتمع، ولكن للأسف في لبنان ينحو الإعلام نحو التأثير في الرأي العام السياسي اليومي متناسياً عن قصد أو غير قصد، في أوقات عدّة ومراحل مصيريّة أساسيّة كالتي نمرّ بها اليوم، دوره في تكوين الرأي السياسي العام، فيلهث وراء الأخبار التي تلقى صدى لدى الناس بغض النظر عن صحتها ودقتها.
في لبنان، تلعب “المصادر” و”المعلومات” و”الأوساط” الواردة في الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية هذا الدور المحوري الأساسي في لعبة الإعلام اليوميّة، وتعمد إلى بث أجواء سياسيّة في البلاد مرتبطة بالملفات الأساسيّة موضوع الساعة حيث تكون في أغلب الأحيان مرتكزة على التحليل السياسي والتقدير لا على الوقائع الملموسة، إلا أن الإعلام يظهرها كوقائع ومعلومات مؤكدة وموثوقة.
وفي هذا السياق، كان لافتاً اليوم ترداد نغمة مرتكزة على “مصادر” و”أوساط” و”معلومات” تفيد بأن رئيس مجلس النواب نبيه برّي يعمل على خط “معراب – كليمنصو” ويبث “رسائل مشفّرة” هدفها حضّ الفريقين الرابضين على هذا المحور على فتح حوار مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيّة بغية إبرام “تسوية معيّنة” على شاكلة “اتفاق معراب” تمكّن الأخير من الوصول إلى القصر الرئاسي.
ولكن الحقيقة أن هذه المعلومات والمصادر المتداولة بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع، وترتكز أساساً على التحليل والتقدير لا على متابعة التطورات عن كثب، لأن الحقيقة هي أن الرئيس برّي نفسه يدرك تماماً أن موقف حزب “القوّات اللبنانيّة” من مسألة إبرام أي تسوية تمكّن فرنجيّة من الوصول إلى قصر بعبدا واضح وثابت ولا يرتبط باليوميات السياسيّة التي يعمل عليها الإعلام ومصادره، وإنما هو موقف ثابت له ارتباط وثيق بالمبادئ والمسلمات والثوابت السياسيّة التي تؤمن بها “القوّات اللبنانيّة” وتناضل من أجلها.
الموقف من فرنجيّة لا علاقة له، لا من قريب ولا من بعيد، بالمواصفات الشخصيّة للرجل، فالقاصي والداني يدرك أنه على الصعيد الشخصي من أصحاب المواقف الحاسمة والحازمة وقد تمكّن من كسب مصداقيته لدى الجميع من خلال ثباته على مواقفه السياسيّة في شتى الظروف، فهو لا يتبدّل مع تبدّل الأوضاع. ولكن هذه الصفات الشخصيّة الجيدة جداً ليست وحدها المقياس لأن منظار “القوّات” يأتي دائماً “Binocular”) منظار مقرّب) وليس أبداً “Monocular”(أُحادي)فالمواقف والإنتماء والثوابت السياسيّة هي العين الثانيّة في منظار “القوات”، والتي تقرن ما تراه فيها مع العين الأولى الشخصيّة. وهنا يصبح خيار فرنجيّة مستحيلاً في نظر “القوّات”، فتموضع فرنجيّة السياسي واضح، وإذا ما قارناه بالصفات الشخصيّة الآنفة الذكر نجد فعلاً سبب رفض “القوّات” لأي تسوية تمكّنه من الوصول إلى رئاسة الجمهوريّة.
أما بالنسبة للحديث عن “الأرانب” وأوراق الضغط، فهذا من محض الخيال لأن الرئيس بري نفسه يعرف يقين المعرفة أنه من الصعب جداً الضغط على “القوّات اللبنانيّة”، وذلك لسببين أساسيين: الأول، أنها أثبتت بالتجربة والوقائع أنها لا تحيد عن المبادئ أياً تكن العواقب، وما حصل إبّان “اتفاق الطائف” خير دليل على ذلك، أما الثاني فهو نظافة “القوّات” وعدم وجود أي ملف أو شبهة على أي شخص منها يمكن استخدامه كورقة ضغط عليها. لذا مَن يتكلمون عن ضغوط يجهلون فعلاً حقيقة “القوّات”.
أخيراً وليس آخراً، مسألة “أن معراب أقرب الى بنشعي من ميرنا الشالوحي” فهذه الأجواء مردّها إلى عدم وجود أي حدّة في الخلاف ما بين “معراب” و”بنشعي” بعكس الأجواء السائدة مع “ميرنا الشالوحي”، وهذا أمر طبيعيّ بحكم أن ما يفرّق “ميرنا الشالوحي” عن “بنشعي” مصالح شخصيّة ومشاريع شخصانيّة سياسيّة لا وجود لها في “معراب”. ففي “ميرنا الشالوحي” مَن يحاول بشتى الوسائل الوصول إلى كرسي الرئاسة ويجد أن حلفاءه يريدون السير بترشيح سيد “بنشعي”، وهذا ما يجعل الملتقى صعباً جداً ما بين الإثنين، أما في “معراب” فهناك مَن لا هم عنده سوى إنقاذ البلاد، لذا الخلاف سياسي بحت ولا ينحدر إلى المستوى الشخصي كما هو الحال مع “ميرنا الشالوحي”، إلا أن هذا الأمر لا يعني أبداً أنه من الممكن الإلتقاء ما بين “معراب” و”بنشعي” في مسألة الإنتخابات الرئاسيّة.
في الختام، رب معلومة مهمّة في هذا الشأن والسياق لأصحاب هذه النظريات والمصادر والمعلومات وهي أن يترقّبوا جيداً مسار الموقف القوّاتي المتصاعد في القريب العاجل ليدركوا فداحة سوء تقديرهم وقراءتهم للواقع السياسي في البلاد، خصوصاً في مسألة انتخابات رئاسة الجمهوريّة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: