مشهد سياسي مختلف عن كل المشاهد السابقة ، يرتسم داخلياً وسط القراءات والتفسيرات والإجتهادات حول طبيعة ما ينتظر الساحة الداخلية من استحقاقات على كل المستويات. وتقول مصادر نيابية واسعة الإطلاع، أن تعليق الرئيس سعد الحريري مشاركته السياسية ومقاطعة الإستحقاق الإنتخابي النيابي، فاجأ كل القوى السياسية المحلية وبمن فيهم تيار “المستقبل” وجمهوره وحتى خصومه الذين كانوا يعتبرون التلويح بمثل هذا القرار مناورةً إنتخابية. لكن الواقع وكما تضيف المصادر، فإن الحريري ، نجح في تحقيق هدف في مرمى المنظومة التي تتولى السلطة وتتقاسم مغانمها اليوم كما بالأمس وعبر التسويات التي انقلب الحريري عليها وقلب الطاولة على المعادلة التي استبعدته ومنعته من تأليف الحكومة سابقاً، وباتت اليوم تبحث عن “البديل” غير المتوفر حالياً.
وبرأي المصادر النيابية نفسها، فإن الشراكة الوطنية التي اهتزت بمقاطعة الحريري، دفعت كل القوى السياسية إلى التوقف عن رسم الإستراتيجيات الإنتخابية أولاً بعدما تعرضت كل التحالفات والمعادلات لعملية خلط أوراق قوية، وأصبح الإستحقاق امتحاناً حقيقياً لخصوم كما لحلفاء الرئيس الحريري.وعليه ترى المصادر أنه من المبكر الدخول في أية خلاصات حول المسار السياسي في المرحلة المقبلة وتالياً مصير الإنتخابات، وتجزم بأن التوازن قد اهتز وطنياً ، واللحظة الداخلية تحمل ملامح تصعيدية والإرباك واضح في ضوء الصمت من قبل “حزب الله” بشكل خاص، والذي يتريث قبل إعلان قراءته ، علماً أنه منشغل اليوم بالتطورات الإقليمية ويركز على الحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار على المسرح الداخلي.الحريري قال كلمته وغادر بيروت، وعلق المواجهة كما التسويات، لكن تداعيات قراره الأولية، كانت “تفجيرية” بحسب المصادر، والمرحلة المقبلة ستحمل المزيد من النماذج المشابهة، في حال لم تشكل الجبهة الحليفة لخط الحريري، إطاراً سياسياً يستعيد التوازن الذي سقط ويترجم ذلك في الإنتخابات النيابية المقبلة.