رئيس التغيير

08692c3d-0e91-485e-a7c4-87ae89a5aae5

كتب وائل الزين

مهما ابتدعت القوى السياسية من ذرائع وبراهين

وحسابات لتفريغ التغيير الذي أفرزته الإنتخابات النيابية منl مضمونه، فالتغيير حصل وهو ناجز له ما له وعليه ما عليه حتى الآن، ورغم الإخفاقات في انتخابات هيئة مكتب المجلس واللجان، إلا أن قوى التغيير قادرة بلحظة على قلب الطاولة واعتماد معايير في التعاطي تؤدي إلى تظهير أكثرية حقيقية بدءاً من انتخابات رئاسة الجمهورية وتكليف رئيس جديد للحكومةمتحرراً من المنظومة ومنح الثقة لتشكيلته وحمايتها في المجلس النيابي.

هذا السرد الغاية منه تذكير القوى المناهضة للمنظومة الحالية بالأهداف التي على أساسها خاضوا انتخاباتهم وزرعوا الأمل بالتغيير في نفوس اللبنانيين وحصدوا ثقة الناخبين، لذا عليهم الخروج من حال التعثّر إلى تحمّل مسؤولياتهم بشجاعة لإحداث التغيير بدءاً من رأس الهرم مروراً بالتحرر من هيمنة السلاح وحثّ نواب “التغيير” لتلقّف اليد الممدودة لهم بعد التجارب التي أكدت استحالة تلبية آمال ناخبيهم إذا استمروا في حال التقوقع، ونحن هنا لا نطالب بالتحاق أعمى بأي من قوى المعارضة بل بالتباحث وطرح الآراء وفتح النقاش حول مواصفات الرئيس الذي بإمكانه تشكيل الدعامة الأولى في مسيرة الإنقاذ.

مواصفات الرئيس القادم لا تتطلب البحث في الغيب، بل مبادئ عامة تتمحور حول التكامل بين النظرتين السيادية والإصلاحية بعد ثبوت فشل أي فصل بينهما. على الصعيد السيادي ينبغي على الرئيس القادم أن يطرح مسألة المجلس الأعلى اللبناني-السوري بعد انتفاء دوره بفتح سفارتين للبلدين تتوليان المهام الدبلوماسية بينهما وفقاً للمواثيق الدولية، كما على الرئيس المقبل أن يكون موقفه واضحاً من سلاح “ح ز ب الله” وغير مرتبط معه باتفاقات ثنائية فوق وتحت الطاولة حتى لا تتكرر مأساة العهد الحالي. إلى ذلك يجب أن يكون الرئيس القادم قادراً على إعادة جسور التواصل مع الدول العربية والمجتمع الدولي، واستعادة ثقة المنظمات والمؤسسات الدولية بممارسة بعيدة عن المحاباة وعدم التلطي خلف حجج واهية للتنازل عن حق الدولة في ممارسة سلطاتها على كافة الأراضي اللبنانية وداخل جميع مؤسسات الدولة وضبط الحدود من خلال القوى الشرعية ليعيد لبنان دولة ذات سيادة.

أما في الشق الإصلاحي، فالكفاءة والنزاهة والشجاعة صفات يجب أن يتحلّى بها الرئيس الذي يفصل بين الشراكة والمحاصصة، وفي هذا الإطار يبدأ الرئيس بتطبيق القوانين السارية الإجراء كما يمكن اقتراح وإقرار قوانين جديدة مثل إعادة طرح آلية التعيينات على سبيل المثال لا الحصر لإبعاد شبح المحاصصة نهائياً، وإعداد دراسة جديدة وعادلة لاستعادة أموال المودعين، كما يجب أن تكون مسألة ترشيد الإنفاق وترشيق الإدارة على رأس سلم أولويات الرئيس الجديد وحكومته واعتماد مبدأ المحاسبة واحترام مبدأ الفصل بين السلطات وإطلاق يد القضاء وتفعيل عمل القضاة والتسريع في المحاكمات لإنهاء الحالة الشاذة في السجون والشكاوى العالقة بين المتداعين أمام القضاء.

ولا ننسى مسألة إحقاق العدالة في جريمة انفجار مرفأ بيروت من خلال تحصين تحقيق المحقق العدلي. هذه البديهيات هي جميعها في الحقيقة أولويات تتطلب إدارة جيدة وحكيمة، التوصل إليها ليس سهلاً ولكنه بمتناول العمل الجاد والتضحية حيث يجب وعدم المساومة حيث لا يجوز، وعدم التوصّل إلى اتفاق بين القوى المعارضة الحالية سيكون وصمة عار في حق كل من يخذل اللبنانيين الذين ينتظرون على قارعة استعادة حقهم في الحياة الكريمة بعد المسلسل الجهنمي الذي أوصلهم إلى الجحيم.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: