ريما كرامي: المدرسة الرسمية ليست فقط مبنى بل رسالة حياة

rima-karami-r22g5g1fhj4dq2mt6xsy3zc39a2otvgrc9aagi7yg0

افتتحت وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي، مبنى مدرسة فريد سلامة الرسمية - كفردبيان، وثانوية كفردبيان الرسمية، في إطار ترميم وإعادة بناء المدارس والثانويات الرسمية الممولة من القرض الدولي S2R2، في حضور وزير الثقافة غسان سلامة، النائب البطريركي على ابرشية صربا المارونية المطران بولس روحانا، النائب سليم الصايغ، رئيس بلديّة كفردبيان جان عقيقي وأعضاء المجلس البلديّ، مدير التعليم الثانوي خالد فايد، رئيسة الوحدة الهندسية في الوزارة مايا سماحة، المستشار الإعلامي البير شمعون، وفريق عمل مكتب الوزيرة كرامي، رؤساء بلديات القرى المجاورة والمخاتير والأهالي والطلاب، مخاتير كفردبيان، رؤساء بلديات المنطقة وفاعليات سياسية وتربوية واجتماعية.

والقت كرامي كلمة قالت فيها: "نلتقي اليوم في ـــ كفردبيان، هذه البلدة العريقة التي لا يُشبهها مكان، ولا يُضاهيها جمال. إنّها ـــ أرضُ الغزلان، رمزُ الأناقة والرشاقة، وحاضنةُ الجمال الطبيعي المتناغم مع رُقيّ الإنسان. بلدةُ الاصطياف والضيافة، مقصِدُ اللبنانيين والعرب والأجانب، والواحةُ التي استطاعت أن تحافظ على تميّزها وسط صعوباتٍ وتحدّياتٍ لا تُحصى".

اضافت: "لقد أثبتت كفردبيان، بأهلها، أنّ الإصرارَ والرؤيةَ والعملَ الجماعيَّ كفيلةٌ بتحويلِ الحلم إلى واقع. وما نعيشه اليوم من احتفاءٍ بهذه المدرسة وبمجتمعها المحلي الداعم ليس مجرّد مناسبة تربويّة، بل تجسيدٌ حيٌّ لتضافرِ الجهودِ من أجل المصلحةِ العامة، ودليلٌ على أنّ العطاء للوطن لا يُقاس بالمردود الآني، بل بالثمار التي تُقطف على مدى أجيال".

وتابعت: "لولا تكاتفُ أبناء كفردبيان، وتقديمهم مصلحة منطقتهم على مصالحهم الخاصة، لما ازدهرت البلدة ولا حازت ثقة الناس والمستثمرين. وهذا هو النموذجُ الذي نحتاج إليه اليوم: نموذجُ الوعي الوطني، والوحدة في وجه التحدّيات، والإيمان بأنّ ما نبنيه معًا هو وحده ما يدوم".

واردفت: "في هذا الزمن الصعب، حيث تبهتُ المبادئ وتعلو أصواتُ المصالح الضيّقة، يبقى الأملُ معقودًا على من يرفضون الاستسلام، ويُصرّون على المضيّ في طريق الإصلاح والنهضة، لا بالخطابات، بل بالأفعال. ونحن، كتربويين، نحملُ في قلوبنا مسؤوليّة بناء الإنسان. نبني الأجيالَ لا بأجسادنا فقط، بل ـــ بفكرنا ورؤيتنا وإيماننا برسالتنا التربويّة".

وقالت: "أنظروا إلى هذا الصرح التربوي اليوم ليس جدرانًا وألواحًا، بل منارةٌ للأمل والمعرفة، وأساسٌ لمستقبلٍ أكثر إشراقًا.  وهنا، أستذكر المربّي الراحل الأستاذ ـــ فريد سلامة، مؤسّس المدرسة المتوسّطة في كفردبيان، الذي آمن أنّ التعليم هو الطريقُ الأسمى لنهضة المجتمع.

لقد غرس في هذه البلدة حبَّ العلم، وزرع في أبنائها الإيمانَ بأنّ المدرسة الرسمية هي بيتُ الجميع. ولم تتوقّف مسيرة العطاء عنده، فقد تابع أبناؤه الأوفياء النهجَ نفسه، وأضافوا إلى المدرسة طابقًا خُصّص للمرحلة الثانوية، ليواصل هذا الصرح رسالته في احتضان أجيالٍ جديدة من أبناء كفردبيان والمنطقة. من هنا، أوجّه تحيّة تقديرٍ وامتنانٍ للعائلة الكريمة – عائلة سلامه – التي آمنت بالتربية رسالةً، وبالتعليمِ واجبًا وطنيًّا.

فمن المؤسِّسِ الأب، إلى الأبناءِ الذين واصلوا المسيرة، تجسّدت فيهم أجمل معاني الوفاء والوطنية والانتماء. ويسرّنا أن يكون بيننا اليوم معالي وزير سلامه،  الذي يحمل في حضوره معنى الوفاء العميق لهذه الرسالة التربويّة العريقة، ورسالةَ تقديرٍ لعائلةٍ كرّست عمرها لخدمة المدرسة الرسمية والوطن. نشكره من القلب على حضوره بيننا، فوجودُه شهادةُ وفاءٍ لرسالة التربية، ورسالةُ دعمٍ للمدرسة الرسمية، ودليلٌ على أنّ من يزرع العلم، يترك أثرًا خالدًا في النفوس والأوطان".

اضافت: "واليوم، إذ انضمّت مدرسة فريد سلامة إلى الحملة الوطنية لدعم المدرسة الرسمية، فنحن لا نحتفل بماضٍ مشرق فحسب، بل نفتح صفحة جديدة من الالتزام والعمل والأمل. إنّ هذا الانضمام دعوةٌ لكلّ أفراد أسرتها التربويّة — إدارةً وهيئةً وأهلاً وطلابًا — إلى العمل بروح الفريق لتحقيق رؤية المدرسة الوطنية 2030، الرؤية التي نريدها خارطةَ طريقٍ لتحويل مدارسنا إلى مؤسساتٍ فاعلةٍ، عادلةٍ، ومواكبةٍ لعصرها.

نريد من هذه المدرسة أن تكون نموذجًا يُحتذى، في جودة التعليم، في شراكتها مع مجتمعها المحلي، وفي قدرتها على إعداد مواطنٍ مفكّرٍ، فاعلٍ، ومؤمنٍ بلبنان الجديد. وأنا اليوم كلّي أملٌ بما ستحقّقونه في المرحلة المقبلة، لأنّكم أثبتم من خلال ما تحمّلتموه في السنوات الماضية، أنّكم قادرون على تحويل الصعوبات إلى فرص، والإرهاق إلى إنجاز، والأمل إلى واقع. تحيّة صادقة لأساتذتها وإدارتها الذين شكّلوا على مدى السنوات مثالًا حيًّا للصمود والعطاء المستمر. أنتم من وقفتم في الصفوف الأمامية، وعملتم بصمت، لتبقى المدرسة الرسمية أبوابًا مفتوحةً للأمل والمعرفة. ولأبنائنا التلامذة أقول: أنتم جوهر هذه المدرسة وروحها. من أجلكم نُرمّم ونبني ونُطوّر. أنتم لا تستحقّون فقط مقاعد وجدرانًا، بل تعليمًا يليق بأحلامكم، وتربيةً تُطلق قدراتكم، ومناخًا يفتح أمامكم آفاق المستقبل. كما أوجّه كلمة شكرٍ لبلديّة كفرذبيان، ولكلّ الفعاليّات المحليّة التي احتضنت المدرسة والثانوية، وأثبتت أنّ الشراكة بين الدولة والمجتمع هي المفتاحُ الحقيقيُّ للنهضة التربوية".

وختمت بالتأكيد  أنّ "المدرسة الرسمية ليست مبنىً نُرمّمه أو جدرانًا نُزيّنها، بل هي فكرةٌ حيّة، ورسالةٌ نُجدّدها كلّ يوم، هي فضاءُ عدالةٍ ومساواةٍ، ومحرّكُ الأمل في قلب كلّ بلدةٍ وقرية. وراء كلّ مدرسةٍ ناجحة، معلّمٌ يؤمن برسالته، وإدارةٌ ترى في التعليم مشروعَ وطن، ومجتمعٌ يحتضن أبناءه كما يحتضن حلمه. والمعلّمون والمعلّمات ليسوا موظّفين، بل رسلُ علمٍ وتربية، يُلامسون في رسالتهم مقام الأنبياء، لأنّهم ينقلون القيم والأخلاق، ويصنعون الغدَ بوعيٍ وإيمان. مهنتُنا ليست مهنةً ماديّة، بل فعلُ إيمانٍ بوطنٍ يُبنى عبر بناء الإنسان. وأعدكم، كوزيرةٍ وتربويّة، أنّي لن أوفّر جهدًا في دعم كلّ مبادرةٍ تجديديّة، وكلّ يدٍ تمتدّ لتزرع، لأنّ ثمرةَ التربيةِ تحتاجُ إلى سنواتٍ لتنضج، لكنها وحدَها القادرةُ على صناعةِ المستقبل. أحيّيكم على صمودكم وإيمانكم، وأشدّ على أيدي كلّ من ساهم في هذا الإنجاز — بلديةً، لجنةَ أهل، معلمين، ومجتمعًا مدنيًا. هذه المدرسة والثانوية التي التي نحتفي بها اليوم هي شهادةٌ على أنّ الأمل لا يموت، وأنّ من يحبّ أرضه يستطيع أن يصنع المعجزات. فلنُعلِ البوصلة نحو الوطن،  ولنزرع في عقول طلابنا حبّ لبنان".

بدوره، ارتجل سلامة كلمةً عفوية خلال الحفل، رحّب في مستهلها بالوزيرة كرامي، قائلاً:"كواحد من أبناء هذه البلدة الطيّبة، أرحّب بوزيرة التربية العزيزة ريما. هذه البلدة طيّبة بطيبة أبنائها، لأنها تخدم الوطن من دون أن تنتظر مقابلًا، فهي في خدمة الوطن على صعد الزراعة والسياحة والحِرف. وهي تقدّم لهذا الوطن قدرًا كبيرًا من الإسهام في الاقتصاد الوطني وفي المعرفة. أما اهتمامها بالعلم، فهذا الصرح هو الشاهد الأول على سعيها لتوسيع آفاقها وجعل التعليم في صلب اهتمامها".

اضاف: "أتحدث إليكم اليوم كالابن الأصغر لمدرسة فريد سلامة التي وُلدت بعد ثلاث سنوات من تأسيسها. ومنذ صغري، فهمت أن عليّ أن أنافس على عطف وحنان والدي، ليس فقط مع إخوتي، بل أيضًا مع المدرسة الرسمية. كان همّه الأول إيجاد المكان اللائق لها والأساتذة المناسبين، وضمان نجاح طلابها في الامتحانات الرسمية. لقد كان اهتمامه بها على قدر اهتمامه بأولاده. وقد ورث أخي رمزي هذا الاهتمام عن والدنا، وأودّ أن أشكره أمامكم جميعًا على الجهد والوقت اللذين يضعهما لكي تستحق المدرسة أن تحمل اسم والدنا."

وتابع سلامة: "أتحدث أيضًا كزميلٍ للوزيرة الدكتورة ريما كرامي، لكنها بالنسبة لنا في المجلس هي ريما المحبوبة، المنغمسة في كلّ قضايا وزارة التربية. تواجه يوميًا تحديات التعليم الرسمي، والتعامل مع المدارس الخاصة، وإعادة بناء ما تضرر من مدارس في مختلف المناطق. كما تسعى لاستعادة الطلاب الذين اضطروا إلى ترك التعليم الرسمي بعد انتقالهم إلى المدارس الخاصة بسبب ارتفاع الأقساط. ولسوء الحظ، فإن مجلس الوزراء ليس دائمًا ساحة تسويات، لكنها تخرج منه مثقلةً بالملفات، وقادرةً وعازمةً ومصمّمةً على معالجتها جميعًا."

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: