تركت زيارة السفير السعودي في لبنان الدكتور وليد البخاري لدار الفتوى واللقاء مع مفتي الجمهورية الدكتور الشيخ عبد اللطيف دريان، أهمية خاصة وحملت أكثر من رسالة ودلالة في هذه المرحلة، في ظل الصراع الدائر بين بعبدا والسراي، والتجييش الذي يقوم به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وصهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، حول الصلاحيات الدستورية وإشارتهما إلى عدم دستورية تسلّم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي دفة الحكم، بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، أضف إلى ذلك ما تشهده الساحة السنية اليوم من غياب لرؤساء الحكومات السابقين، وحالة البلبلة والضياع التي سبق وشهدتها في الانتخابات النيابية الأخيرة، ولكن يومها ولولا دور السفير البخاري وجولاته ولقاءاته لكانت الأمور في مكان آخر.من هنا، جاءت هذه الزيارة في محلها شكلاً وتوقيتاً ومضموناً، لتأكيد المملكة على وقوفها إلى جانب دار الفتوى، وهذه مسألة تاريخية، ولكنّ اللافت إشادة السفير السعودي بالمفتي دريان كتأكيد على دوره وحضوره الاعتدالي والوسطي في هذه المرحلة، ومن الطبيعي أيضاً أنّ السفير البخاري نقل مجدداً حرص المملكة على دعم هذا الموقف الوطني والروحي لمفتي الجمهورية، وأيضاً استمرار المملكة في دعمها للبنان، وهي على مسافة واحدة من كل طوائفه ومذاهبه.
ويبقى أنّ زيارة السفير البخاري لدار الإفتاء في هذه الظروف، وفي خضم الصراع السياسي الدائر اليوم وعلى أبواب الاستحقاق الرئاسي، تحمل الكثير من المعاني وسيكون لها مفعولها ودورها في اللقاءات التي سيجريها المفتي دريان مع المرجعيات والنواب من الطائفة السنية، وصولاً إلى إمكانية عقد لقاء جامع للتباحث في الاستحقاقات الداهمة التي يترقبها لبنان.