زيارة من نوع آخر الى معراب.. ليت اللقاء لم ينته

f53935fe-acdf-408c-a218-9738e4016b3e

بدرجة حرارة بلغت نحو الـ9 درجات، وصل فريق LebTalks عند أبواب معراب، محصناً بجو اعلامي مشحون، وخوف من مستقبل قاتم يرسم لهذا البلد، دخلنا الى معراب، متخطين الحواجز الأمنية، ومتسلحين بمجموعة أسئلة سترسم لنا حتماً صورة واضحة عن ما ينتظر هذا البلد من تطورات.
ما ان تدخل الى مبنى معراب، حتى تنسى برد الخارج، وينتابك شعور بالدفء والانتماء فجأة، خصوصاً وان كل من تلتقيهم في مشوارك نحو "الحكيم" يشعرونك انك صديق قديم، وما فات سوى ساعات على لقائك الأخير بهم.
بكثير من الابتسامات والتهذيب، كان استقبال رجال الأمن لنا عند مداخل معراب، وبابتسامات اكبر، والكثير من الـ"اهلا وسهلا" كان استقبال المستشارة الاعلامية الجميلة انطوانيت جعجع لنا، كيف لا وهي ابنة قضية كبيرة، وهي من الأوفياء الأوفياء الذين لم يتركوا سمير جعجع حتى في سنوات الاعتقال وبعدها في سنين الحرية، بالاسم نادت الجميع، وكأنها تعرفنا من زمن، في مكتبها جلسنا منتظرين موعد اللقاء، وكان الحديث شيقاً مع سيدة تحمل الكثير داخلها من أسرار ومواقف، ائتمنت عليها وكانت خير امينة على الكثير. "المرحلة صعبة، واللقاءات البعيدة عن الاعلام كثيرة، الأمور تحتاج الى الكثير من الحكمة لتخطيها"، هكذا اختصرت "الوفية" ما يجري في الكواليس وفي الغرف الداخلية من دون ان تفضح ما يجري خلف الأبواب. كانت منهمكة لدى استقبالنا كسيدة منزل "معجوقة" بضيوفها.
الى جانب انطوانيت، لوسيان شهوان، عرّفت عنه انه في المكتب الاعلامي لمعراب، شاب مهذب محدث لبق، يختار كلماته بكثير من العناية، ويصر على ان يشعر الجميع اننا من أهل البيت، ولا داعي للتوتر والخوف فالجلسة "أهلية بمحلية"، يسأل عن الأحوال ويعطي رأيه في الأمور العامة، من دون اي موقف يؤخذ عليه، فهو يتحدث امام اعلاميين يسعون الى خبر ما.
في الخارج عجقة موظفين، ينتقلون من مكتب الى مكتب وحوارات هادئة، منعاً لازعاج سكون منزل معراب، ومن بين هذه "العجقة" اطل الاستاذ شارل جبور، باناقته المعتادة وهدوئه ورصانته، يضع اللمسات الاخيرة، يتنقل بين مكتب ومكتب، ينتقي كلماته بدقة ولا يطيل به على قاعدة ما قل ودل.
ما هي الا دقائق قليلة وحتى دعينا الى القاعة العامة حيث اللقاء مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. هنا الكل كان يسعى لتأمين أجمل صورة وراحة جميع الحاضرين. كل شيء منظم ومرتب والأمور مجهزة "على البكلة" من دون "ولا غلطة"، انطوانيت لوسيان، الاستاذ شارل جبور، والزميل الخلوق، المثقف، صاحب الرؤية السياسية الثاقبة بولس عيسى، الكل بدا جاهزاً للموعد، وفي تمام الوقت المحدد دخل الدكتور جعجع، فكان اللقاء المنتظر. أصر ان يتعرف على الجميع، بعضهم من عرفه الحكيم، والبعض الأخر سأل عن الضيعة وأقارب له فيها، وكانه يعرف جميع العائلات وأصلها وفصلها.
جلس كل مكانه وبدأ الحوار معه، ساعة من الوقت تناقشنا وهذا الرجل في كل الأمور، من دون اي مواربة أو تصنع، الطاقة الايجابية التي يتركها لدى دخوله، تشعرك انك امام صديق، يمكنك ان تطرح عليه كل ما يحلو لك، وهو مستعد للاجابة عن اي سؤال قد يطرح، حتى لو كان السؤال شخصيا. تنقلنا نحن واياه بين الصفحات السياسية اللبنانية الداخلية والخارجية، وبين الملف الرئاسي والعلاقة مع حزب الله والحوار المسيحي – المسيحي، كمن يجلس مع رفيقه على فنجان قهوة، يتسامرون في كل الأمور. هذا الصفاء الذهني الموجود عند الرجل انتقل الينا نحن الجالسين امامه، واخذت معها كل التوتر الذي سبق اللقاء، فباتت الاسئلة "تكرج" من دون ان نشعر.
ساعة من الوقت، انتهت بسرعة، وحان وقت الرحيل، ولكن كيف لنا ان نغادر من دون صورة تذكارية تطبع هذا اليوم؟ خرج معنا جعجع الى قاعة الاعلام وأصر ان يؤثق هذا اللقاء بصورة مع كل فرد من أفراد فريق العمل، لتبقى لنا ذكرى جميلة عن هذه الزيارة، التي نأمل ان تتكرر، غادرنا الحكيم، وبقينا مع الفريق الاعلامي الكبير في معراب، يخبرونا عن تجاربهم في هذا المقر العريق، وعن التقنيات الموجودة فيه، والقدرات المتاحة لديهم، لتخال نفسك في مقر غربي، "الشباب عاملين حساب كل شي، وكمان ولا غلطة".
غادرنا معراب، وفي داخلنا الكثير من الفرح من لقاء من قائد لم يبعد يوماً عن شعبه، ولم يتذلف يوماً في الحديث معهم، ولم يخرج يوماً من عباءة ابن بشري البسيط. غادرنا معراب، وكلنا أمل لو ان اللقاء دام اكثر، لو ان الجلسة لم تنته، فهناك أمور اكثر يمكن ان نتحدث بها او ان نأخذ رأيه بها. تركنا معراب، وكلنا امل بعودة قريبة مع عودة لبنان الذي نحلم به، على صورة هذا المقر "من دون ولا غلطة".

تصوير الدو ايوب
المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: